Tuesday, May 1, 2007

لست ساذجا .. لن أخدم ظالمي

أحمد بلال
أثار مشروع الخدمة المدنية الذي تسعى الحكومة الإسرائيلية فرضه حاليا على شباب عرب الداخل, حالة كبيرة من الرفض بين الأوساط السياسية و الشعبية في عرب 48, حيث رأوا في هذا المشروع خطرا يهدد وجودهم كمجتمع عربي فلسطيني, و جزءا من جهاز متكامل يصب في نهاية المطاف في المجهود الأمني لدولة عنصرية, بالإضافة إلى اعتباره مقدمة للخدمة العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي, كما جاء في بيان حركة أبناء البلد الموجه للطلاب العرب في حيفا "بعد تثبيت مبدأ "الخدمة المدنية" يأتي قرار التجنيد وتشغيل المؤسسة العنصرية للمجندين كـ"سقاة ماء وحطابين" لكي تتحول "الخدمة المدنية" إلى عبودية جديدة تُفرض على الشاب العربي" و أكد البيان على أن الجيش الإسرائيلي هو نفس "الجيش الذي ارتكب المجازر بأجدادنا و قام بتشريدنا وباغتصاب أراضي شعبنا عام 48 لتشكيل دولته العنصرية على أنقاض شعبنا".
سياسة العصا و الجزرة, هي السياسة التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية في فرض مشروع الخدمة المدنية, حيث ربطت الحقوق التي يحصل عليها الشاب العربي كمواطن في إسرائيل بالواجبات التي يفترض عليه تأديتها متمثلة في "الخدمة المدنية", و هو ما اعتبره الجمهور العربي في إسرائيل محاولة لتبرير سياسة العنصرية و التمييز التي تمارسها السلطات الصهيونية ضده, مؤكدين على أن مصدر التمييز ضد الجماهير العربية لم يكن يوما منوطاً بالواجبات تجاه الدولة, وإنما مصدره هو العنصرية المؤسساتية في جوهر دولة إسرائيل, و في بيانها أكدت حركة أبناء البلد أن "في الدولة الديمقراطية وبحسب الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان، ليس هناك علاقة مباشرة ما بين تنفيذ الواجبات ونيل الحقوق" و أضاف البيان أن تجربة عرب الداخل مع إسرائيل منذ عام 1948 تؤكد "أن أي إنجاز لجماهيرنا لم يتحقق إلا بالنضال الجماهيري، و أن واقعنا هو لائحة اتهام وإدانة لدولة إسرائيل بوصفها دولة عنصرية, وطريق النضال الجماعي وتنظيم جماهير شعبنا وبناء المؤسسات الوطنية هو الأساس لأية إنجازات مستقبلية".
و قد أكدت الشبيبة الشيوعية في بيانها الذي حمل عنوان "أتطوع لبلادي لا لجلادي", أن الخدمة المدنية لن تعود بفائدة على عرب 48, لأن "الخدمة ستكون في مؤسسات, وبلداتنا تـفـتـقـر لهذه المؤسسات, وبالتالي, الخدمة ستكون في بلدات ليست عربية", و أكد البيان أن الخدمة المدنية هي مشروع إسرائيلي لسرقة حقوق العمال "الوظائف التي يشغلها المتطوع هي وظائف بطبيعتها لها معاش, فمن ناحية, عن طريق مشروع الخدمة المدنية, تسرق الدولة حقوق العمال, وتمتنع عن دفع معاشات, ومن ناحية أخرى تـزداد نسبة البطالة".
و تحت شعار "لست ساذجا .. لن أخدم ظالمي" و "الخدمة المدنية مقدمة لخدمة عسكرية", تأسس الائتلاف الشبابي ضد الخدمة المدنية, و هو ائتلاف شبابي مكون من مجموعة قوى سياسية واجتماعية, على رأسها الجبهة الديمقراطية للسلام و المساواة, التجمع الوطني الديمقراطي, حركة أبناء البلد, الحركة الإسلامية, الحركة العربية للتغيير و مجلس الطلاب القطري العربي, و يهدف إلى توحيد كل القوى الطاقات من أجل العمل ضد مشروع الخدمة المدنية على الصعيد الشعبي والقانوني والإعلامي و التوعوي.
و في بيانه أكد "الائتلاف الشبابي ضد الخدمة المدنية" أن المشروع المقترح هو مشروع سياسي, يتعامل مع القضايا الجماعية لعرب 48 من باب الامتيازات الفردية المؤقتة, و ذلك على حساب الحقوق الجماعية للجماهير العربية في الداخل, و وجه الائتلاف نداء إلى كل المؤسسات الجماهيرية, الحزبية و الأهلية العربية, يطالبهم بتحمل مسئوليتهم و الوقوف موقفا موحدا و واضحا ضد هذا المشروع, دفاعا عن الحاضر و المستقبل, كما جاء في البيان.
كما طالب البيان الحكومة الصهيونية التي تربط الحقوق بالواجبات بتعويض عرب 48 عما أصابهم من أضرار جراء سياسة إسرائيل العنصرية "إن شاباَ من قرية غير معترف بها, حيث تحجب عنه كل إمكانيات التطور وكل حقوق الإنسان الأولية وحقوق الطفل والحقوق الاقتصادية الاجتماعية, أو شابا صودرت أراضي عائلته أو هدم منزلها أو أي شاب وشابة عرب ضحايا التمييز, كل هؤلاء أي كل أجيالنا الصاعدة من حقها الطبيعي التعويض على الأضرار" مؤكدا أن كل "ما صودر من أملاك وميراث حضاري وثقافي وإنساني منذ 1948 تم استخدامه في مراكمة غنى المجتمع الإسرائيلي, وحرم منه أصحابه".
في مؤتمر رجال الأعمال الإسرائيليين السنوي الذي عقد في هرتزليا في أواخر عام 2003, طرح رئيس الوزراء الصهيوني السابق أرئيل شارون فكرة فرض الخدمة الأمنية على الشباب العرب, و في فبراير 2004 طرح شارون خطته في بيان ألقاه على الكنيست الإسرائيلي, و التي تتلخص في إلزام كل شاب عربي بـ"أن يساهم عدة سنوات في خدمة المجتمع سواء في الأجهزة الأمنية مثل الشرطة، أو عن طريق العمل في إطار المؤسسات المجتمعية مثل المستشفيات والمراكز الجماهيرية".
و بالرغم من المزاعم الإسرائيلية بأن الخدمة المنوي فرضها على الشباب العرب هي خدمة مدنية, إلا أن اللجنة التي شكلها شارون لإنشاء "الخدمة الوطنية المدنية", أوكلت رئاستها لديفيد عبري قائد سلاح الطيران و مدير عام وزارة الأمن سابقا!, و قدمت اللجنة توصياتها في أغسطس 2004 لوزير الأمن!, و جاء في تلك التوصيات "اللجنة توصي بفتح إطار الخدمة المدنية لأبناء وبنات الوسط العربي... بهدف إيجاد بديل للخدمة العسكرية لهم... بإقامة بديل يسمح للشباب العرب بخدمة الجمهور والمجتمع والدولة معا...بدل إضاعة طاقات اليهود الذين يخدمون في الجيش في الخدمة المدنية كجزء من الخدمة العسكرية".

قوات الاحتلال الصهيوني محت قرية عربية كاملة من الوجود

كتب: أحمد بلال
بعد أسبوع واحد من اجتماع وزير القضاء الإسرائيلي "مائير شطريت" مع عدد من المواطنين العرب في النقب، و الذي تعهد فيه بحل قضايا الأرض في النقب, قامت السلطات الصهيونية يوم الأربعاء الماضي بإبادة قرية "طويل أبو جرول" العربية في النقب من الوجود, حيث قامت بهدم كل البيوت والخيام والحظائر و نقل أنقاضها إلى خارج القرية على شاحنات, و برغم ذلك لم توفر لسكانها بديل آخر.
عقيل الطلالقه, رئيس اللجنة المحلية في القرية, استغرب أسلوب التعامل الإسرائيلي مع عرب النقب بشكل عام و قريته بشكل خاص قائلا "بالرغم من أننا نمتلك هذه الأراضي غير أنهم يحرموننا من بناء بيوتنا عليها، في سنوات الخمسينيات قاموا بتهجيرنا من أرضنا الواسعة في الطويل إلى بلدة اللقية، ونحن اليوم نسكن على أراضي الآخرين في اللقية في ظروف صعبة للغاية من حيث الأراضي", و أضاف الطلالقة "ما كان لنا خيار سوى العودة إلى أرض الآباء والأجداد والسكن عليها, هنا في الطويل بكرامه وهذا حقنا الطبيعي الذي لا يملك أحد في الوجود حق مصادرته أو حرماننا من أرضنا".
و قال حسين الرفايعه، رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، معقبا على عملية الهدم "إسرائيل تدعي أنها تعاني من الإرهاب وما قامت به اليوم يعتبر إرهاب دوله ضد مواطنين عزل يسكنون في أرضهم ووطنهم، وما قامت به أذرع الحكومة هو وصمة عار، فقد محت قرية كاملة عن الوجود".
قرية "طويل أبو جرول" ليست سوى حلقة من سلسلة جرائم صهيونية بشعة مورست ضد الشعب الفلسطيني, منذ أكثر من نصف قرن مارست فيها العصابات الصهيونية مدعومة من قوى الاستعمار أبشع أنواع المجازر في فلسطين, كانت سياستهم هي بث الرعب في قلوب العرب بعمليات بشعة من قتل و اغتصاب و هدم للمنازل, ليرموا الرعب في قلوب المواطنين الذين كانوا يهربون من قرية إلى أخرى, قرية "دير ياسين" التي قتلوا فيها 260 عربيا, و التي قال عنها مناحم بيجن أنه "لولا دير ياسين ما قامت دولة إسرائيل", أكبر دليل على تلك السياسة البشعة التي انتهجها الصهاينة في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
و في النقب تتجسد مأساة الأرض و الإنسان, النموذج الحي لهذة المأساة, عشيرة العقبي .. و هي واحدة من تلك العشائر العربية التي لم تعرف لها أرضا أو وطنا سوى فلسطين, و يتركز أبنائها الآن في بلدة حور المحرومة من كل أشكال الخدمات, و التي تبعد 20 كيلومترا عن "العراقيب" بلدتهم الأصلية, في عام 1951 و بعد قيام الكيان الصهيوني بثلاث سنوات فقط, أبلغهم الجيش الصهيوني بأن عليهم ترك العراقيب لمدة ستة أشهر فقط, و ذلك لأسباب أمنية, ثم العودة إليها بعد تلك الفترة, إلا أن تلك الأشهر الست لم تنتهي حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من خمسين عاما, و كانت كل محاولة من أبناء العشيرة للعودة إلى أرضهم تقابل بالعنف من الجانب الصهيوني على اعتبار أن تلك الأراضي "لا صاحب لها"!!!.
و في عام 1953 شرعت الحكومة الصهيونية قانونا خاصا يقنن استيلاء "الدولة" على الأراضي التي هجر منها أصحابها باعتبار أن أصحابها غير موجودون, حتى المسجد صادروه, الجامع الكبير في بئر السبع و الذي يرجع عمره إلى أكثر من نصف قرن من عمر الكيان الصهيوني نفسه تمت مصادرته ضمن أملاك الغائبين !!, و من ضمن تلك الأراضي كانت "العراقيب" في النقب, و لما كانت الأسطورة الصهيونية تقول أن فلسطين هي "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض", فكان على السلطات الصهيونية أن توزع أراضي عرب النقب على هؤلاء الذين جاؤوا من آخر بلاد الدنيا, ليقيموا في بلادنا و نصبح نحن لاجئين داخل الوطن.
أصحاب الأرض, يعيشون الآن فيما تطلق عليه حكومة العدو الصهيوني "قرى غير معترف بها", حوالي 45 قرية تفتقر إلى كل الخدمات التي تقدمها الدولة لهؤلاء المستوطنين, إلا أن أهلها يرفضون تركها و الانخراط في مسلسل "صهينة" كامل الأراضي الفلسطينية, "القرى غير المعترف بها" لم تسلم من المخطط الصهيوني, حيث تقوم "إسرائيل" بهدم تلك البيوت العربية على اعتبار أنها تم بنائها بدون ترخيص !!!.
لم تكتفي "إسرائيل" بالتهجير, بل عملت أيضا على محاربة عرب النقب في رزقهم, و ذلك حين أسس شارون عام 1976, و كان وزيرا للزراعة في ذلك الوقت, ميلشيات أطلق عليها "الدوريات الخضراء" إلا أنها لم ترتبط في أذهان عرب النقب سوى باللون الأسود, كانت مهمة هذه الميلشيات بجانب إرهاب عرب النقب و تهجيرهم هي الاستيلاء على مواشيهم و مصادرتها بحجة دخولها للمحميات الطبيعية, و هي الأراضي نفسها التي صادرتها "إسرائيل" من أصحاب الماشية أنفسهم!!, هذا بالإضافة إلى تجريف مساحات واسعة من الأراضي التي يزرعها عرب النقب.
و لما كنا في زمن انقلبت فيه كل المفاهيم, فأصبح النضال إرهابا, و الإرهاب أصبح دفاعا عن النفس, فقد أصبح الطبيعي فيه أيضا أن يتحول أصحاب الأرض إلى غزاة و محتلين, و من واجب الحكومة الصهيونية الدفاع عن "أراضيها" و طرد هؤلاء الغزاة منها!!, فسنت قانونا في عام 2004 لعرب النقب يسمى بقانون "طرد غزاة الأرض في النقب"!!, و بالطبع ليس المقصود هنا الغزاة الذين جاؤوا من كل بلاد العالم للإقامة على تلك الأرض, و لا هؤلاء الذين أقاموا مستوطنة "جبعوت بار" على "العراقيب" بلدة عشيرة العقبي, و إنما المقصود هنا أصحاب الأرض أنفسهم الذين هجروا منها ليعيشوا في قرى "غير معترف بها", و محرومة من كل الخدمات, ليفرضوا عليهم الإقامة في أماكن التوطين القسرية التي تحددها لهم حكومة العدو الصهيوني.
و قد قدم مؤخرا "نوري العقبي", رئيس جمعية مؤازرة و حماية حقوق البدو بالنقب, طلبا لمحكمة بئر سبع تناول أعمال الاستيطان و المصادرة التي مورست ضد أبناء القبيلة بعد قيام ما يعرف باسم "دولة إسرائيل", بهدف الضغط عليهم لترك أراضيهم, و التنقل في أرجاء النقب و السكن في قرى غير معترف بها "إسرائيليا", مما يجعلهم عرضة أيضا لحملات وزارة الداخلية الصهيونية الهادفة إلى هدم تلك المنازل, مثلما حدث في العام الماضي مع أبناء "عشيرة العقبي" في بلدة حور بالنقب, حين داهمت قوات الشرطة منازلهم بغرض هدمها و ألصقت أوامر الهدم الصهيونية على المنازل التي بناها الفلسطينيون فوق أرضهم, و كتبوا في تلك الأوامر "دولة إسرائيل ضد صاحب المبنى، قمت بالبناء بدون ترخيص وعليك القدوم لمفتش مراقب البناء وشرح الأمر خلال عشرة أيام".
و طالب العقبي في الطلب الذي قدمه إلى المحكمة بحق عرب النقب في استعادة أراضيهم التي هجرتهم منها "إسرائيل" منذ أكثر من خمسون عاما, و هو الأمر الذي أدى بهم في النهاية إلى التنقل بأرجاء النقب و الإقامة في قرى غير معترف بها من قبل الحكومة الصهيونية.
أبناء عشيرة العقبي لم يكتفوا بذلك الطلب المقدم لمحكمة بئر سبع و يختصمون فيه السلطات "الإسرائيلية" التي هجرتهم من أراضيهم, بل يتوجهون بين الحين و الآخر إلى أراضيهم المسروقة, يزرعونها فيحرثها الصهاينة ليعودون إلى زراعتها مرة أخرى, و يتوجهون أيضا لإقامة بيوت لهم على أرضهم, مما يثير جنون الصهاينة الذين يسارعون بهدمها و اعتقال من تطاله أيديهم, و يعود عرب النقب من عشيرة العقبي للبناء مرة أخرى.
إذا كان عام 1948 هو عام النكبة, نكبة فلسطين التي هجروا أهلها منها ليستولوا على أراضيهم, فإن عمليات التهجير و المصادرة التي تحدث ضد العرب في النقب, وسط تجاهل عربي تام كذلك التجاهل الذي قابل به العرب تهجير الفلسطينيين من باقي أراضيهم, لا تعني سوى شيء واحد هو أن "نكبة" النقب لا تزال مستمرة منذ أكثر من 50 عاما.

شوارع شهداء .. و بيوت مجرمين!!

أحمد بلال
"شوارع القدس تحمل أسماء شهداء بسبب إهمال المدينة"، هكذا كتب سكان حي "شعفاط" في القدس الشرقية في خطابهم الذي أرسلوه إلى رئيس بلدية القدس "أوري لوفوليانسكي"، للمطالبة بتدخل لجنة الأسماء في البلدية لتسمية شوارعهم!!.
"أنا من حي القطاموم في القدس الغربية، و المقام عليه حاليا بيت شارون و بيت أولمرت"، هكذا أكد لـ"عشرينات" داود حمودة أحد النشطاء في حملة مقاومة الجدار في القدس الشرقية، إلا أن داود عربي و من ثم فهو محرم عليه حتى المطالبة بالعودة إلى مكان بيته في القدس الغربية، و الذي يعيش عليه حاليا رئيس الوزراء الإسرائيلي.
موقفين يجملان الكثير من علامات التعجب، و برغم ما سيعتقده البعض من أنهما لا يتميزان سوى بالبساطة، إلا أنهما يكشفان جزءا من المأساة التي يعيشها العرب داخل ما يعرف باسم "دولة إسرائيل"، فمغتصبي الأرض يطالون بمحو أسماء أصحاب الأرض الأصليين من على الشوارع، بينما يعجز أصحاب الأرض حتى بالمطالبة بالعودة إلى بيوتهم.
الصهيوني "تسيفي شامير" الذي يتزعم هذه الحملة أكد للقناة السابعة الإسرائيلية أنه أشار في الخطاب الذي أرسله لرئيس المدينة أنه "في القرن الماضي امتنعت الحكومة العثمانية عن تسمية الشوارع و هذا بسبب "الخوف من عين الحسود و من ملك الموت"، و أيضا في فترة الانتداب لم يسموا معظم الشوارع في شرق المدينة و في فترة حكومة الأردن امتنعت تماما عن تسمية الشوارع".
و ذكر شامير أنه "مع توحيد المدينة، كان هناك هناك حوالي 50 اسم لشوارع في شرق المدينة من بين 750 شارع"، و أضاف "بلدية القدس في إجراء سياسي غير واضح قررت ألا تقوم بعمل إصلاحات في هذا النطاق و ألا تعطي أي أسماء للشوارع، فقط المحاور الرئيسية أعطيت لها أسماء أبطال حربيين مختلفين"!.
و جاء في الخطاب الذي أرسله سكان "شعفاط" أنه "على مدار 40 عاما لم يحدث أي شيء في هذا الموضوع، و هكذا يعيش في شرق القدس مئات الآلاف من المواطنين بدون أسماء للشوارع، و هو الأمر الذي يتعارض مع الحقوق الأساسية التي تتضمن إمكانية استلام البريد و المكاتبات أو تنفيذ الأنشطة القضائية المختلفة"، بالإضافة إلى أن "لجان المعارضة أعطت للشوارع أسماء شهداء مختلفين لتخليدهم"!.
و بحسب قول شامير فإن رئيس المدينة "لوفوليانسكي" كان قد وعد بعمل إصلاحات في هذه القضية، و بالفعل تم منح أسماء لـ 160 شارع قبل حوالي عام إلا أن اللجنة توقفت منذ ذلك الحين.
و على الجانب الآخر كان داود حموده أحد نشطاء حملة مقاومة الجدار العازل بالقدس الشرقية و الذي تحدث لـ"عشرينات" عن المعاناة التي يعانيها السكان العرب من مواطني القدس الشرقية قائلا "القدس الغربية مثل تل أبيب، موجود بها كل الخدمات، و خاصة بعد ما تم تهجير الفلسطينيين منها و تدمير قراهم، و صودرت أملاكهم و تحولت إلى املاكا لدولة إسرائيل، و صار أغلبهم لاجئين في القدس الشرقية، مثلي .. أنا من حي القطاموم في القدس الغربية، و المقام عليه حاليا بيت شارون و بيت أولمرت و معظم القيادات السياسية الإسرائيلية".
و عن مؤامرة التهويد التي تشنها العنصرية الصهيونية ضد القدس الشرقية أكد لنا حمودة أن "بلدية القدس وضعت خطة لعشرين عاما مقبلة ابتداء من 2002، و ذلك في مجلد يتألف من 9000 صفحة يحمل عنوان "إسرائيل 2020"، و فيه ملخص لكل ما ستمارسه بلدية القدس من تهويد خلال العشرون عاما المقبلة، و كلها اجراءات سيتم الانتهاء منها في خلال الفترة من 2020 : 2025، و يرمي هذا المخطط إلى تقليل عدد العرب في القدس إلى 10 % فقط".
و أضاف حموده، "عندما تم توحيد مدينة القدس الشرقية و الغربية، قامة بلدية القدس باقتطاع جزء كبير من القرى الفلسطينية في القدس الشرقية و عزلها عن مدينة القدس، رام الله على سبيل المثال، كانت تابعة لمحافظة القدس إلا أنها الان محافظة قائمة بذاتها، و بهذا تخلصت إسرائيل عمليا من معظم سكان القرى العربية في القدس، و كان ذلك أول خطوة في مسيرة تهويد القدس".
و بين شوارع أطلق عليها اهلها أسماء شهداء عرب يطالب الصهاينة بتغييرها، و منازل هجر منها أهلها ليقيم على أطلالها شرذمة من المجرمين ممن يحكمون الكيان الغاصب بيوتهم، و يعجز حتى أصحابها بالمطالبة بالعودة إليها، على اعتبار ان حق العودة هو خطا أحمرا لا يجوز الحديث فيه في إسرائيل، تتلخص قصة الصراع، بين بجاحة صهيونية لن تنتهي، و عجز عربي نأمل أن ينتهي قريبا.

حملة لإلغاء العنصرية في الجامعات الإسرائيلية


كتب: أحمد بلال

بدأ الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية مؤخرا حملة جمع توقيعات لمطالبة مجلس التعليم العالي الإسرائيلي ووزارة المعارف الإسرائيلية بإلغاء جميع شروط القبول العنصرية تجاه الطلاب العرب، كرفع جيل القبول للطلاب العرب في عدد من الكليات إلى 20 و21 عاما وإجراء مقابلات شخصية تمنع الطلاب العرب من الدراسة في داخل البلاد وتكرههم على الاغتراب خارج وطنهم لطلب العلم, فعلى سبيل المثال قامت الجامعة العبرية خلال العام الدراسي الحالي 2006\2007 بإضافة المقابلات الشخصية كشرط قبول جديد لكلية الطب، بحجة أن الدراسة في هذه الكلية تحتاج إلى مميزات خاصة, هادفة بذلك تصفية الوجود العربي في كلية الطب بشكل غير مباشر، حيث لم يتم قبول سوى 8 طلاب عرب في كلية الطب في الجامعة هذا العام بعد إضافة ذلك البند, في حين تم قبول 33 طالبا عربيا في العام الدراسي 2005\2006.
الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية قاموا بالعديد من الأنشطة في هذا السياق من خلال توزيع البيانات و النشرات الهادفة لرفع الوعي الطلابي بخطورة القضية، و محاولة إجراء تغيرات على مستوى التشريع من خلال الكنيست الإسرائيلي، حيث توجهت القيادات الطلابية العربية إلى عضو الكنيست العربي عن الجبهة الديمقراطية "دوف حنين", و الذي قدم اقتراح قانون في هذا المجال تحت عنوان المساواة في الفرص في التعليم العالي.
كما توجهت لجنة الطلاب العرب في جامعة تل أبيب، بطلب إلى رئيس الجامعة، البروفيسور "إيتمار رابينوفيتش"، وعميد كلية الطب في الجامعة، البروفيسور "يوسي مكوري"، للعمل على إلغاء تحديد شروط التسجيل للقبول في كلية الطب.
و قد أكد مركز "عدالة", و هو مركز قانوني عربي تأسس في إسرائيل عام 1996, في بيانه عن القضية أن "الحديث يجري عن شرط يميز بشكل عنصري على خلفية قومية، وخاصة على ضوء حقيقة أن تحديد العمر لا يسري على الطلاب الذين يريدون الدراسة قبل الخدمة في الجيش، والذين تقل أعمارهم عن سن العشرين عاما, وهذا التحديد يمنع الطلاب العرب من التسجيل لكلية الطب فور تخرجهم من المدارس الثانوية حتى لو توفرت لديهم كافة المعايير المطلوبة للقبول لدراسة الطب", لأن الطلاب العرب لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ولذلك يقوم الطلاب المعنيين بإتمام دراساتهم الجامعية بالتسجيل في الجامعات فور إنهاء دراستهم الثانوية، إلا أن تحديد العمر سوف يمنعهم من ذلك.

اليهودي الأخير في أوربا!!

كتب: أحمد بلال
أثارت مسرحية "اليهودي الأخير في أوربا" التي كتبها و أخرجها الأمريكي "توفيا تنينبوم" مؤسس و مدير "المسرح اليهودي" في نيويورك غضبا شديدا في أوساط البولنديين، و جدلا شديدا في نيويورك، حيث أظهرت المسرحية بولندا على أنها "دولة لم تتعلم شيئا من التاريخ، و أن معاداة السامية تنتشر فيها بقوة".
تدور أحداث المسرحية حول "جوزيف"، المحاسب الصغير، و "ماريا"، الراقصة و الممثلة، الذان يستعدان للزواج، إلا أن "ماريا" كانت ابنة لأحد الكهنة غير اليهود، و كانت تخشى دوما من أن يكون زوجها في المستقبل يهودي، و لهذا السبب اضطر "جوزيف" لإخفاء أصله عنها، إلا أن كل شيء سينقلب مع حضور أحد الشباب من الولايات المتحدة إلى بولندا، ليجمع أسماء اليهود الذين قتلوا في المحرقة، و بدأت حالة من القلق تسيطر على جوزيف عندما سمع عن هذا من أبيه الباثولوجي، و خشي أن تنكشف يهوديته.
الشاب "جون" الذي أتى من الولايات المتحدة التقى بـ"ماريا" و وقع في غرامها، و من جانبها طلبت منه أن يتحرى عن أصل "جوزيف"، فإذا اتضح أنه يهوديا فإنها ستتركه و ستتزوج الشاب الأمريكي، و تستمر المسرحية في التعقيد و خاصة عندما يتضح أن "جوزيف" هو حفيد لأحد القيادات النازية، و أن الفتاة هي في الحقيقة يهودية عن طريق أمها.
في قمة درامية يتضح أن في نهاية المسرحية أن الاثنين أخ و أخته.
العبارات و الألفاظ المعادية للسامية تكاد تكون لا تتوقف طوال المسرحية، و خاصة من جانب "ماريا"، إلا أن الوضع يختلف مع تقدم أحداث المسرحية، فعندما يتضح لـ"جوزيف" أنه ليس يهوديا و أن عروقه يجري بها الدم الآري، يرفض الزواج من "ماريا" اليهودية!!، و تنتهي المسرحية نهاية غير متوقعة للجميع حيث يكتشف في النهاية أن "جوزيف" و "ماريا" ما هما إلا أخ و أخته!!.
"تنينبوم" كاتب و مخرج المسرحية و الذي أراد من خلالها التأكيد على أن بولندا مازالت حتى اليوم مشبعة باللا سامية، أضاف لمسة واقعية لمسرحيته من خلال عرضه على خشبة المسرح صورة لكتابات على حائط تحتوي على ألفاظ معادية للسامية كان قد التقطها أثناء زيارته إلى "لودز" في بولندا.
"تنينبوم" قال أنه كتب "اليهودي الأخير في أوربا" في أعقاب زيارة قام بها إلى بولندا، التي قتل فيها الكثيرين من أبناء عائلته في المحرقة النازية، "سافرت للودز و أظلمت عيني، ليس فقط من الكتابات المعادية للسامية المكتوبة على الجدران، و لكن أيضا عندما قابلت بولنديين بينهم مفكرين، كان صعبا علي أن أعلم مدى كرههم لليهود، هناك يمكنك أن تسمع حكايات عن المالي اليهودي الذي يتحكم في العالم، و أن اليهود يبذلون كل جهودهم لإلحاق الأذى ببولندا، و التقيت هناك بشاب تزوج من مسيحية و لم يكشف لها أنه يهودي، و كانت هذه هي فكرة مسرحيتي".
من بين من شاهدوا المسرحية كان "كريستوف كاسفشيك" قنصل بولندا في نيويورك، الذي قال "هذه المسرحية سيئة و ليست مقنعة"، و أضاف "أفهم ما يريد تنينبوم فعله، هو يريد التنبيه للمفاهيم اللاسامية الموجودة في مكان كهذا او حتى في غيره".
و أضاف القنصل "و لكن تنينبوم أخذ بضعة كتابات على الحائط و ضخمها، المشكلة في وسط الجيل الصغير، في لودز على سبيل المثال، الكراهية بين ناديين لكرة القدم، المشجعين الشباب معادين للسامية في شكل تعبيرهم، و لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا ما في باطنهم، يوجد كما هو مفهوم لا سامية في تاريخ بولندا، و أنا أستطيع أن أتفهم أحاسيسه، فهو فقد جزء من عائلته في المحرقة، لكنه لم يفسر الأمور بشكل صحيح، لم أشعر بالراحة عندما رأيت العلم البولندي يرفرف في الخلفية على خشبة المسرح، و لم أشعر بالراحة أيضا عندما اتضح أن الباثولوجي البولندي ابن لأحد النازيين، في التاريخ البولندي لم يكن لدينا نازيين، عمليات القتل طالت حتى البولنديين غير اليهود، و من بينهم أبناء عائلتي الذين قتلوا في معسكرات الإعدام".

"توفيا تنينبوم" البالغ من العمر 49 عاما، ولد لعائلة متدينة، و عندما بلغ من العمر 18 عاما غادر المدرسة الدينية و سافر لنيويورك لدراسة الرياضيات و المحاسبة في الجامعة، و يقول عن ذلك "فيما يختص بالعائلة، فقد استقبلت فكرة الذهاب للجامعة بصدمة كبيرة، و كأنهم اكتشفوا أن الولد شاذ جنسيا".
و في عام 1994 أقام "تنينبوم" المسرح اليهودي في نيويورك، و هو المسرح الذي أثار كثيرا من المشاكل بين الكثيرين و خاصة في الأوساط اليهودية في أمريكا، و عرض عليه مسرحيته "قصة حب في عالم التصوف و الرغبة"، و التي يتحدث فيها عن انطباعات شاب متدين اكتشف عالم الجنس، و في مسرحية أخرى قرأ الممثلون رسائل حب كتبتها نساء لهتلر، و في مسرحية "كالنسرين" يحكي عن طفلين ولدوا في نفس اليوم، و أبدلتهم الممرضة، أحدهم ابن شيخ مقرب لحماس، و الثاني ابن ضابط مخابرات اسرائيلي، و تدو الأيام ليتحول الاثنين إلى مقاتلين، أحدهم في "جيش الدفاع الإسرائيلي"، و الآخر مقاتل فلسطيني.
أما مسرحيته قبل الأخيرة، فكانت تحكي عن حاخام اسرائيلي يعد الناس بحياة سرمدية إذا تجردوا من ملابسهم فقط، و كانت مادونا واحدة من هؤلاء الذين مالوا إليه، و التي أتت إلى إسرائيل لمقابلته، و قد أثارت المسرحية أصداء كثيرة في نيويورك ليس بالضرورة بسبب نوعيتها، و لكن في أعقاب الكشف عن مخاوف الممثلة التي جسدت شخصية مادونا و تعرت على خشبة المسرح، حيث قررت "إيميلي سارتن" الانسحاب من المسرحية بعد شهر و نصف بسبب خشيتها من ان تنتشر صورها و هي عارية على شبكة الإنترنت.
"تنينبوم" الذي يعد حاليا عملا مسرحيا بعنوان "مائير كاهانا قام للبعث"، عرضت مسرحياته أكثر من مرة في أوربا و لكنها حتى الآن متوقفة في إسرائيل "في الماضي حاولت عرض مسرحياتي في إسرائيل، و لكنني وصلت لاستنتاج أن العالم المسرحي بإسرائيل، مثل السياسة هنا، قائم على التجارة، و هذا جزء من الثقافة الإسرائيلية، و ذلك في حين أن ألمانا و فرنسيون جاؤوا إلي و طلبوا مني مسرحياتي".