Tuesday, May 1, 2007

اليهودي الأخير في أوربا!!

كتب: أحمد بلال
أثارت مسرحية "اليهودي الأخير في أوربا" التي كتبها و أخرجها الأمريكي "توفيا تنينبوم" مؤسس و مدير "المسرح اليهودي" في نيويورك غضبا شديدا في أوساط البولنديين، و جدلا شديدا في نيويورك، حيث أظهرت المسرحية بولندا على أنها "دولة لم تتعلم شيئا من التاريخ، و أن معاداة السامية تنتشر فيها بقوة".
تدور أحداث المسرحية حول "جوزيف"، المحاسب الصغير، و "ماريا"، الراقصة و الممثلة، الذان يستعدان للزواج، إلا أن "ماريا" كانت ابنة لأحد الكهنة غير اليهود، و كانت تخشى دوما من أن يكون زوجها في المستقبل يهودي، و لهذا السبب اضطر "جوزيف" لإخفاء أصله عنها، إلا أن كل شيء سينقلب مع حضور أحد الشباب من الولايات المتحدة إلى بولندا، ليجمع أسماء اليهود الذين قتلوا في المحرقة، و بدأت حالة من القلق تسيطر على جوزيف عندما سمع عن هذا من أبيه الباثولوجي، و خشي أن تنكشف يهوديته.
الشاب "جون" الذي أتى من الولايات المتحدة التقى بـ"ماريا" و وقع في غرامها، و من جانبها طلبت منه أن يتحرى عن أصل "جوزيف"، فإذا اتضح أنه يهوديا فإنها ستتركه و ستتزوج الشاب الأمريكي، و تستمر المسرحية في التعقيد و خاصة عندما يتضح أن "جوزيف" هو حفيد لأحد القيادات النازية، و أن الفتاة هي في الحقيقة يهودية عن طريق أمها.
في قمة درامية يتضح أن في نهاية المسرحية أن الاثنين أخ و أخته.
العبارات و الألفاظ المعادية للسامية تكاد تكون لا تتوقف طوال المسرحية، و خاصة من جانب "ماريا"، إلا أن الوضع يختلف مع تقدم أحداث المسرحية، فعندما يتضح لـ"جوزيف" أنه ليس يهوديا و أن عروقه يجري بها الدم الآري، يرفض الزواج من "ماريا" اليهودية!!، و تنتهي المسرحية نهاية غير متوقعة للجميع حيث يكتشف في النهاية أن "جوزيف" و "ماريا" ما هما إلا أخ و أخته!!.
"تنينبوم" كاتب و مخرج المسرحية و الذي أراد من خلالها التأكيد على أن بولندا مازالت حتى اليوم مشبعة باللا سامية، أضاف لمسة واقعية لمسرحيته من خلال عرضه على خشبة المسرح صورة لكتابات على حائط تحتوي على ألفاظ معادية للسامية كان قد التقطها أثناء زيارته إلى "لودز" في بولندا.
"تنينبوم" قال أنه كتب "اليهودي الأخير في أوربا" في أعقاب زيارة قام بها إلى بولندا، التي قتل فيها الكثيرين من أبناء عائلته في المحرقة النازية، "سافرت للودز و أظلمت عيني، ليس فقط من الكتابات المعادية للسامية المكتوبة على الجدران، و لكن أيضا عندما قابلت بولنديين بينهم مفكرين، كان صعبا علي أن أعلم مدى كرههم لليهود، هناك يمكنك أن تسمع حكايات عن المالي اليهودي الذي يتحكم في العالم، و أن اليهود يبذلون كل جهودهم لإلحاق الأذى ببولندا، و التقيت هناك بشاب تزوج من مسيحية و لم يكشف لها أنه يهودي، و كانت هذه هي فكرة مسرحيتي".
من بين من شاهدوا المسرحية كان "كريستوف كاسفشيك" قنصل بولندا في نيويورك، الذي قال "هذه المسرحية سيئة و ليست مقنعة"، و أضاف "أفهم ما يريد تنينبوم فعله، هو يريد التنبيه للمفاهيم اللاسامية الموجودة في مكان كهذا او حتى في غيره".
و أضاف القنصل "و لكن تنينبوم أخذ بضعة كتابات على الحائط و ضخمها، المشكلة في وسط الجيل الصغير، في لودز على سبيل المثال، الكراهية بين ناديين لكرة القدم، المشجعين الشباب معادين للسامية في شكل تعبيرهم، و لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا ما في باطنهم، يوجد كما هو مفهوم لا سامية في تاريخ بولندا، و أنا أستطيع أن أتفهم أحاسيسه، فهو فقد جزء من عائلته في المحرقة، لكنه لم يفسر الأمور بشكل صحيح، لم أشعر بالراحة عندما رأيت العلم البولندي يرفرف في الخلفية على خشبة المسرح، و لم أشعر بالراحة أيضا عندما اتضح أن الباثولوجي البولندي ابن لأحد النازيين، في التاريخ البولندي لم يكن لدينا نازيين، عمليات القتل طالت حتى البولنديين غير اليهود، و من بينهم أبناء عائلتي الذين قتلوا في معسكرات الإعدام".

"توفيا تنينبوم" البالغ من العمر 49 عاما، ولد لعائلة متدينة، و عندما بلغ من العمر 18 عاما غادر المدرسة الدينية و سافر لنيويورك لدراسة الرياضيات و المحاسبة في الجامعة، و يقول عن ذلك "فيما يختص بالعائلة، فقد استقبلت فكرة الذهاب للجامعة بصدمة كبيرة، و كأنهم اكتشفوا أن الولد شاذ جنسيا".
و في عام 1994 أقام "تنينبوم" المسرح اليهودي في نيويورك، و هو المسرح الذي أثار كثيرا من المشاكل بين الكثيرين و خاصة في الأوساط اليهودية في أمريكا، و عرض عليه مسرحيته "قصة حب في عالم التصوف و الرغبة"، و التي يتحدث فيها عن انطباعات شاب متدين اكتشف عالم الجنس، و في مسرحية أخرى قرأ الممثلون رسائل حب كتبتها نساء لهتلر، و في مسرحية "كالنسرين" يحكي عن طفلين ولدوا في نفس اليوم، و أبدلتهم الممرضة، أحدهم ابن شيخ مقرب لحماس، و الثاني ابن ضابط مخابرات اسرائيلي، و تدو الأيام ليتحول الاثنين إلى مقاتلين، أحدهم في "جيش الدفاع الإسرائيلي"، و الآخر مقاتل فلسطيني.
أما مسرحيته قبل الأخيرة، فكانت تحكي عن حاخام اسرائيلي يعد الناس بحياة سرمدية إذا تجردوا من ملابسهم فقط، و كانت مادونا واحدة من هؤلاء الذين مالوا إليه، و التي أتت إلى إسرائيل لمقابلته، و قد أثارت المسرحية أصداء كثيرة في نيويورك ليس بالضرورة بسبب نوعيتها، و لكن في أعقاب الكشف عن مخاوف الممثلة التي جسدت شخصية مادونا و تعرت على خشبة المسرح، حيث قررت "إيميلي سارتن" الانسحاب من المسرحية بعد شهر و نصف بسبب خشيتها من ان تنتشر صورها و هي عارية على شبكة الإنترنت.
"تنينبوم" الذي يعد حاليا عملا مسرحيا بعنوان "مائير كاهانا قام للبعث"، عرضت مسرحياته أكثر من مرة في أوربا و لكنها حتى الآن متوقفة في إسرائيل "في الماضي حاولت عرض مسرحياتي في إسرائيل، و لكنني وصلت لاستنتاج أن العالم المسرحي بإسرائيل، مثل السياسة هنا، قائم على التجارة، و هذا جزء من الثقافة الإسرائيلية، و ذلك في حين أن ألمانا و فرنسيون جاؤوا إلي و طلبوا مني مسرحياتي".

No comments: