Tuesday, June 5, 2007

اطلبوا الفن و لو في الصين!!



















































































































































































































نشر في موقع بص و طل




















الصين – أحمد بلال
هي بلد الفنون و الرسم و الألوان .. الصين التي اشتهرت برسوماتها و ألوانها و زخارفها المتميزة على مدى آلاف السنين، مازالت تحافظ على الريشة و القلم و الألوان، احترامهم هنا للفن بشكل عام باعتباره أحد أهم العوامل المؤدية لرقي الإنسان، و الرسم بشكل خاص باعتباره على الأقل تواصلا مع حضارة قامت منذ آلاف السنين، يجعلهم يهتمون بكل موهبة و يسعون لصقل تلك الموهبة بالعلم.
هنا في مقاطعة "تشي جيانغ" الصينية توجد إحدى تلك المدارس التي تهتم بهذا النوع من الفنون، مدرسة "يي فوي" لتعليم الرسم، بسيطة في كل شيء، ابتداء من حجم المكان، و حتى أعمار الدارسين فيها، توجهنا إليها فوجدنا العديد من الدارسين و أغلبهم مازال في عمر الزهور، كل منهم يجلس أمامه لوحته منهمكا في اللوحة التي يرسمها، استقبلنا مؤسسها بترحاب شديد، و قدم لنا كوبا من الشاي الصيني الشهير، و بدأ يحدثنا عن المدرسة و عن مدى حبه للرسم.
"فاندا جيان" مؤسس "مدرسة يي فوي لتعليم الرسم" شاب بسيط يبلغ من العمر 39 عاما، لم يدرس الرسم إلا أنه أحبه و مارسه منذ نعومة أظافره قال لنا "بدأت الرسم حينما كان عمري 9 سنوات، لم أدرس الرسم و لكنني أحببته و مارسته، حتى قررت في افتتاح هذه المدرسة منذ حوالي عام لتعليم الأطفال الرسم و النحت لعمل التماثيل الجبس، و يدرس عندي حاليا حوالي 20 تلميذا"، و أضاف "جيان" "أقوم هنا إلى جانب تعليم الرسم و النحت، برسم اللوحات الزيتيه و البورتريهات لكثير من الزبائن الذين يأتون إلي لهذا الغرض، كما أقوم أيضا بعمل التماثيل الجبس لمن يريد، بالإضافة إلى عمل التصميمات على الكمبيوتر".
أما عن اللوحة الفارقة و المهمة في حياة "فاندا جيان" فهي لوحة يظهر فيها شاب يشبهه إلى حد بعيد، يرتدي قميصا من الجينز الأسود، و يقف في غرفة ألوانها كئيبة، و بلاطها لا يحمل سوى اللونين الأسود و الأبيض، و علق على باب الغرفة المغلق سوتيان أبيض، و رغم كآبة الغرفة وضعت على الأرض لوحة و أسندت على حائظ الغرفة, يظهر فيها أحد المهرجين بقبعته الحمراء الطويلة، و يقول "فاندا جيان" عن سبب أهمية هذه اللوحة التي رسمها منذ 20 عاما بالنسبة له "تلك هي أهم لوحة في حياتي، فهي أول لوحة أرسمها من خيالي لتعبر عما أشعر به، قبل ذلك كنت أرسم ما يطلبه السوق مني فقط".
أما "فانج يو جينج" زوجة "جيان" و رفيقته في مشواره الفني فقالت "تعلمت الرسم قبل الزواج من فاندا، و أسست معه هذه المدرسة، و أشاركه العمل فيها"، و عن مدى ولع زوجها بالرسم و تأثيره عليها تقول "فانج" "دائما ما أرى زوجي يرسم في البيت، فحتى لو لم تكن يدي نعرف الرسم أو لم أكن تعلمته، فإن طريقة الرسم و الصور قد أصبحت عالقة في ذهني من كثرة ما أرى جيان و هو يرسم".
"بير" إحدى الدارسات بهذه المدرسة قالت لـنا "بدأت الدراسة هنا منذ حوالي سنة، و أحب هذه المدرسة جدا، و أرى أنها مدرسة جيدة جدا، لأن المدرس الذي يعمل بها متخصص و جيد جدا في الرسم"، و ردا على سؤال حول المدة التي تراها مناسبة لتصبح في مستوى معلمها في الرسم قالت "بير" "الإنسان يظل يتعلم طوال حياته، و لذلك لا يمكن أن أحدد مدة كافية لأن أصبح متخصصة أو في مستوى جيان".
و أثناء جولتنا وجدنا إحدى التحف الفنية الرائعة، نحت خشبي على جذع شجرة بطول حوالي خمسة أمتار و عرض مترين، و إلى هنا قد يكون الأمر عاديا، أما غير العادي، هو أن هذا العبقري الذي لم نستطع للأسف الحديث إليه بسبب عدم تواجده، صنع من هذه الشجرة مدينة كاملة متكاملة.
عندما تقترب منها ستجده و قد أقام فيها الطرق و هناك من يمشي عليها، و أيضا ستجد أنهارا صغيرة و هناك بعض القوارب الصغيرة فيها إلى جانب بعضا من الصيادين، أيضا ستجد عشاقا، و ستجد بيوتا صينية يجلس بداخلها ناس، و ستجد من يجلس لشرب الشاي، و من تحمل الورود، و من تستحم، و من يعزف بالناي، حتى الأشجار و القرود ستجد لها مكانا في تلك المدينة المنحوتة على جذع شجرة.
و إذا كنا لا نعرف عن الصين إلا بضائعها التي قد يستاء البعض منها إلا أنه لا يجد سواها نظرا لرخص ثمنها، أو تلك الأفلام التي تبهر المشاهد فتجعله في حيرة من أمره كيف لهذا الصيني أن يطير في الهواء!، فإننا نرى أنه يتوجب علينا أيضا أن نعيد النظر مرة أخرى في الصين، و في الفن الصيني، و الثقافة الصينية و في احترام الصيني لتاريخه، و في كيفية وصول الصين لما هي فيه الآن، فهل فكرت يوما أن ترى الصين من منظور آخر غير المنظور المعتاد ؟!!

No comments: