Tuesday, June 5, 2007

مسلمون تحت الحكم الشيوعي!!





































نشر في موقع بص و طل








الصين – أحمد بلال









وضع الإسلام و المسلمين في دولة يحكمها حزب شيوعي قد يكون مثارا للكثير من الأحاديث و التنظيرات و الأصوات التي تلقي الاتهامات و الأخرى التي تدافع و تنفي تلك الاتهامات، و هكذا يدور الحديث عن وضع المسلمون في الصين، الدولة التي يحكمها الحزب الشيوعي منذ عام 1949، الأمر الذي جعلنا نحاول أن نرى وضع المسلمين هنا في الصين الشيوعية عن قرب، بعيدا عن كل تلك الآراء، لننقلها لكم.
توجهت إلى المسجد قبل صلاة الجمعة بحوالي ساعة، و هناك اكتشفت خطأ ما اعتقدت، حيث اعتقدت واهما أن المسجد لن يكون إلا "زاوية" صغيرة قديمة مفروشة بالحصير، و عندما نزلت من السيارة أمام المسجد فوجئت بمبنة ضخم تصعد إليه بعدد من السلالم، واجهته الأمامية بها ثلاثة أبواب، و رسم عليه من أعلى بطوب أسود ثلاثة قباب تعلو الأبواب الثلاثة، كتب على اليمنى "الله جل جلاله"، و اليسرى "محمد رسول الله"، و في المنتصف كانت القبة الكبيرة يعتليها هلال من المعدن يعكس أشعة الشمس، و كتب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
المسجد الذي تمت إقامته على مساحة شاسعة تم فرشه بالكامل بالسجاد الأخضر، و امتلأ بالمكتبات الصغيرة التي تحتوي على القرآن باللغة العربية و الصينية، و بعض الكتب عن الدين الإسلامي بالصينية، بالإضافة إلى مجلة صينية إسلامية باسم "العصر"، و هو الاسم المكتوب على المجلة باللغتين العربية و الصينية، و على حائط المسجد علقت في بعض الأماكن ساعات لتحديد مواعيد الصلاة بالعربية و إحداها باللغة الفارسية، و في أحد الأركان وضع صندوق معدني صغير كتب عليه باللون الأحمر بالعربية و الصينية "صندوق الصدقة"، كما تم تعليق على أحد الجدران لوحة كبيرة توضح رسما تخيليل للمنظر النهائي الذي يهدف المسلمون في المقاطعة أن يكون المسجد عليه، كما تم تعليق العديد من اللوحات و البراويز التي تحمل آيات قرآنية أو لفظ الجلالة على حوائط المسجد، و خارج المسجد تم فرش أعداد كبيرة من الحصير حتى تستوعب العدد الكبير من المسلمين الذين سيملأون المكان للصلاة بعد قليل.
قبل خطبة الجمعة، ستجد العديد من الشباب الصيني المسلم يجلس في المسجد في حلقات صغيرة للحديث فيما بينهم، و منهم من جلس ليقرأ في المصحف، و منهم من يقرأ عن الإسلام باللغة الصينية، و منهم من وقف ليصلي ركعتين، و ذلك بالإضافة إلى مسلمين من دول مختلفة حضروا جميعا للصلاة في هذا المسجد و بالطبع كان من بينهم الكثير من العرب.
و عندما حان وقت الصلاة، أذن أحد الأشخاص العراقيين، بعدها وقف الخطيب الصيني مرتديا جلبابا و عمامة بيضاء، و بدأ في خطبة استمرت حوالي 20 دقيقة، و بالطبع لم أفهم منها أي شيء سوى بعض الآيات القرآنية التي قالها باللغة العربية، و بعد الخطبة، أعلن نفس الشخص العراقي عن افتتاح مصلى جديد للمسلمين في المدينة، مؤكدا أن الصلاة ستقام فيه ابتداء من اليوم و سيتم فيه إقامة كل الصلوات ما عدا الجمعة حيث ستقام في هذا المسجد الكبير حتى يتجمع المسلمون، بعدها صعد على المنبر خطيب صيني آخر و بدأ خطبة أخرى باللغة العربية استمرت حوالي 10 دقائق.
و بعد الصلاة، بدأت أشعر بالعدد الضخم من المصلين الذين تجمعوا في المسجد، حيث لم أستطع الخروج من المسجد بسهولة، و عندما خرجت فوجئت باصطفاف عدد من الشباب خارج البوابة الخارجية للساحة المحيطة بالمسجد، أحدهم يوزع عليك إعلانات عن معهد لتعلم اللغة الصينية، و الآخر إعلان عن مطعم إسلامي، و هذا إعلان عن فنادق بقنوات فضائية عربية، و ذلك إعلان عن سيارات للتوصيل إلى المطارات، بالإضافة إلى عدد من الرجال يمسكون قماشة مفتوحة بين كل اثنين منهم لجمع المال للمسجد و هم يرددون بالعربية "صدقة جارية"!!.
دخل الإسلام الصين منذ حوالي 1300 سنة، و هو يتركز أكثر بين أبناء 10 قوميات صينية هم قومية هوي، الويغور، القازاق، القرغيز، التتار، الأوزبيك، الطاجيك، دونغشيانغ، سالار و باوآن، ويبلغ عدد المسلمين في الصين حوالي عشرين مليون نسمة، كما يوجد في الصين أكثر من خمسة وثلاثين ألف مسجد بعضها تجاوز عمره الألف عام مثل مسجد هوايشينغ بمدينة قوتنغتشو ومسجد تشينغجينغ بمدينة تشيوانتشو ومسجد الكركي بمدينة يانغتشو ومسجد العنقاء بمدينة هانغتشو.
في عام 1955 أسست الحكومة الشيوعية في الصين المعهد الإسلامي الصيني، أكبر المعاهد الإسلامية المتخصصة في الصين، كما أسست الجمعية الإسلامية الصينية كمنظمة تجمع تحت لوائها المسلمين الصينيين، تنظم مسابقة تلاوة القرآن الكريم و رحلات للحج و غيرهما.
المسلمون هنا في الصين كغيرهم من الصينيين من معتنقي الديانات الأخرى أو حتى هؤلاء الذين لا يؤمنون بأي ديانة، كلهم يتجمعون تحت العلم الصيني و الهوية الصينية و يعملون سويا لخدمة الشعب الصيني، فالنواب المسلمون متواجدون في جميع المؤتمرات السياسية الاستشارية ولجان نواب الشعب التي تشتمل على المجلس الوطني للمؤتمر السياسي الاستشاري للشعب الصيني والمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، حيث يعمل الجميع لخدمة الإنسان الصيني، ترى هل يمكننا أن نطبق مثل هذا النموذج و نعمل جميعا لخدمة الإنسان العربي ؟!!.

No comments: