Tuesday, June 5, 2007

نهر "يي وو" .. الماء و الخضرة و الوجه الحسن





















نشر في موقع عشرينات







الصين – أحمد بلال

إذا كنا في مصر نؤمن بأن من يشرب من نهر النيل حتما سيعود إليه مرة أخرى، فإنني الآن أؤمن تماما أن من يرى نهر "يي وو" في الصين، حتما سيعود إليه مرة أخرى، فالنهر و كأنه لوحة طبيعية رسمها أحد أكثر الفنانين عبقرية، فيها نهر طويل و متعرج في بعض الأماكن، في الخلفية بعض الجبال التي تغوص قمتها في السحاب، و ينسدل عليها اللون الأخضر و كأنه عباءة من الحرير، و يحيطه من الجانبين كورنيش كبير.
و إذا كان منظر النهر ساحرا، فإن الكورنيش لا يقل سحرا عنه، حيث يمتد بعرض يتجاوز الـ 500 مترا، و هو عبارة عن مساحات خضراء شاسعة، ترتفع فيها الأشجار بشكل متناسق و متناغم، بالإضافة إلى أحواض كبيرة من الزهور، زرعت بعناية بالغة فتجد ألوانها متناسقة و كأنها هي أيضا لوحة مرسومة.
و بين كل تلك المساحات الخضراء الشاسعة تجد طرقات متعرجة جميلة، تتحرك صعودا و هبوطا، الأمر الذي يجعلك تحس و كأنك تمشي في مكان لم يطأه بشر قبلك, و أيضا جدول صغير يمتد متعرجا و أقيمت عليه أكثر من قنطرة صغيرة، أما الإضاءة في تلك الحديقة التي تحيط النهر، فقد وضعت بشكل فني جميل، فتجد ألوانها متناسبة تماما مع ألوان الورود أو الأشجار أو حتى مياه النهر.
الساعة الخامسة، هي اللحظة الفارقة في حياة النهر اليومية، ففي هذه الساعة ينهي الصينيون عملهم الذي لا يتعدى عن ثمانية ساعات، بعدها يبدأ الصينيون في ممارسة حقهم في الراحة و الاستمتاع بالحياة و بجمال الطبيعة، فتجدهم يتجهون إلى النهر كل منهم يمارس هوايته.
ستجد من يأتي إلى هنا ليقرأ، و من يأتي ليلعب بدراجته، و من يماريون رياضة المشي أو الجري، و هناك أيضا من يختلي بنفسه في مكان أكثر هدوءا من الآخرين ليصطاد السمك من النهر، بالإضافة إلى مجموعات تمارس الرقص على نغمات الموسيقى، و لما كانت الرومانسية كلمة قليلة على وصف مثل هذا الجو و هذا المكان فمن الطبيعي جدا أن يكون نهر "يي وو" بالحدائق المحيطة به قبلة للعشاق.
و برغم الجمال الذي يعجز القلم عن وصفه، إلا أن أهم ما يلفت نظرك كمصري في نهر "يي وو" و الحدائق المحيطة به، و التي يقابلها في مصر مجرد مترين من البلاط يسموا كورنيش، أنه لا يوجد هذا الشخص الذي يحمل عدد من الورود الحمراء الذابلة، و الذي يتهجم عليك و انت في أجمل لحظاتك سعادة طالبا منك بإلحاح غبي و طريقة مستفزة شراء وردة او اثنتين منه، أيضا لا يوجد هناك عدد من البلطجية الذين استولوا تحت سمع و بصر النظام على الكورنيش و وضعوا كراسي متهالكة، ليأخذوا إتاوة على كل من يريد الوقوف على الكورنيش بدعوى أنه يجب شراء مشروب، لا يوجد هنا الكثير و الكثير من تلك الأشياء، كل ما يوجد هنا هو الطبيعة التي يتسيد فيها اللون الأخضر و الأزرق الموقف، فهل نرى في بلادنا مثل تلك الأشياء ؟!

No comments: