Thursday, July 12, 2007

فوزي المطري .. قاوم الصهاينة في سيناء و عمل مع المخابرات المصرية

فوزي المطري .. قاوم الصهاينة في سيناء و عمل مع المخابرات المصرية
و لم تكرمه الدولة حتى بشهادة تقدير
حوار: أحمد بلال
سقطت سيناء و صمد أهلها، نظموا أنفسهم في مجموعات للمقاومة، و رفضوا تدويل سيناء في مؤتمر الحسنة، و نجحوا في نقل جنود و ضباط مصريين إلى الضفة الغربية للقناة حتى لا يقعوا في الأسر الإسرائيلي، و حولوا أنفسهم إلى أجهزة مراقبة تنقل للقيادة المصرية كافة المعلومات عن القوات الإسرائيلية، و رغم ذلك و رغم مرور أربعون عاما على النكسة لم تكرم تلك القيادة معظم هؤلاء المقاومين بحجة أن نشاطهم لم يكلفهم به أحد!!.
التقينا أحد هؤلاء المقاومين، الحاج فوزي المطري، الذي حكى لنا بكل فخر بعضا مما قام به أثناء فترة الاحتلال، و حكى أيضا بكل حسرة كيف أنه تقدم أكثر من مرة لينال مجرد شهادة تقدير يتركها لأولاده تقديرا لما قام به أثناء فترة الاحتلال، تحدث إلينا المطري في البداية عن تنظيم المقاومة في سيناء قائلا "قسمنا أنفسنا إلى عدة مجموعات، مجموعة لمساعدة المصابين و إخفائهم في البيوت المهجورة، مجموعة تساعد على خروج الجنود من العريش، و مجموعة لتصوير العساكر حيث أخذنا من الإدارة المدنية جميع الأختام و البطاقات الشخصية فكنا نقوم بالتقاط الصور للجنود و عمل بطاقات شخصية لهم بمهن مختلفة، بالإضافة إلى مجموعة من الشباب الصغير قرروا إحراق مخازن الأسلحة المصرية حتى لا يستفيد منها الإسرائيليين".
و عن دوره في المقاومة المصرية في سيناء أثناء الاحتلال الصهيوني يقول الحاج فوزي المطري "كنت أجمع معلومات عن المواقع العسكرية الإسرائيلية في سيناء و منطقة السبع و ما بها من أسلحة و أنواعها و مواقع الرادارات و المطارات و الصواريخ و الدبابات و الطرق العسكرية و محطات البنزين التي تمون الدبابات و المجنزرات و حاملات الجند الإسرائيلية بالإضافة إلى ما يتم في كل مناورة عسكرية".
و بالإضافة إلى جمع المعلومات كان فوزي المطري يتلقى معلومات أخرى تأتيني من صالح مطر سالم، حمدان محمد راضي، أحمد جوده، و الحاج سعد عمر غيث الذي كان يقدم له معلومات هامة حيث كان سائقا لسيارة تجوب سيناء و يقول المطري "كنت أرسل المعلومات للعقيد محمد اليماني و العميد عادل فؤاد في المجموعة 75 في القاهرة، و كنت أهربها عن طريق الصليب الأحمر حيث أضعها في أكياس الشاي أو داخل بطائن الصداري أو بجيب سري بحقيبة كما أرسلت بكرة كاسيت داخل كعب حذاء مع السيد أسعد خيري مسجل عليها معلومات عن 40 موقع عسكري إسرائيلي داخل سيناء و منطقة السبع و طريق العوجة قبل حرب أكتوبر بـ 14 يوما و قد دمرت الضربة الأولى للقوات المصرية 60% من هذه المواقع".
و عن قصة الطيارين المصريين الذان نجحا الحاج فوزي المطري و إسماعيل خطابي في تهريبهم إلى الضفة الغربية للقناة يقول المطري "في يوم 6 يونيو 1967 سقطت طائرتين مصريتين في العريش بعد معركة جوية مع الطيران الإسرائيلي، و قبل سقوطهما قفزا منهما الطيارين المصريين بالباراشوت و هما النقيب محمد خميس و المقدم حسن شحاته، فأخذوهم الأهالي و حملوهم على الأعناق و نقلوهم إلى المستشفى، و سقطت العريش بعدها بثلاثة أيام".
و أضاف المطري "حاولنا تهريب الطيارين حتى لا يقعا في الأسر الإسرائيلي، كان النقيب حسن شحاته مكسور الساق وضعناه بين الأموات أما المقدم محمد خميس فألبسناه زي ممرض، و استطاع طلعت عروج إخراجهم بالإسعاف على أساس أنهم ذاهبون لدفن الموتى، و نقلناهم إلى منزل إسماعيل خطابي رغم أنه كان بالقرب من القيادة الإسرائيلية".
"طاف الإسرائيليون شوارع العريش بالميكرفونات يعلنون أن من يتستر على ضابط أو جندي مصري في بيته سيتم نسف البيت و تشريد أسرته بالإضافة إلى اعتقال رب الأسرة، و حاول عدد من الجنود و الضباط الذين كانوا عندنا تسليم أنفسهم بعد سماع النداء، إلا أن الحاج إسماعيل خطابي قال لهم لسنا أفضل منكم، جئتم للدفاع عن الوطن و الآن يجب أن يكون مصيرنا و مصيركم واحد، و أعطينا لهم بطاقات شخصية على اعتبار انهم مدرسين، و استطعنا بعد شهر توصيلهم للقاهرة".
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فوزي المطري 7 مرات، 3 منها في سجن غزة المركزي و أشكلون، و 4 في سجن العريش، و كانت التهم العمل مع المخابرات المصرية، رفض العمل و تحريض الناس على عدم العمل مع المحتل، توزيع المنشورات ضد الاحتلال، معرفة "المخربين" و التستر عليهم، قيادة تنظيم يعمل ضد الاحتلال الإسرائيلي".
و يحكي لنا فوزي المطري عن أحد أسباب اعتقاله في 1969 حيث دعا مع رفاقه إلى إضراب عام في العريش لمحاولة القوات الإسرائيلية جمع أعيان العريش لتقديم العزاء في رئيس الوزراء الصهيوني "ليفي أشكول"، و هو ما توافق مع استشهاد الشهيد عبد المنعم رياض على الجبهة، و يقول المطري "و فعلا نجح الإضراب و فشلت خطة اسرائيل، فجن جنونهم و نزلت الدبابات الإسرائيلية ضربت 3 مواقع، موقع في سوق السمك و موقع تاني في ميدان البلدية و موقع ثالث في ميدان الشبخ جبارة"، و عن سبب جنون القائد الصهيوني في هذا اليوم كما يقول الحاج فوزي المطري أن "الحاكم العسكري الإسرائيلي الذي كان في العريش كان قد دعا صحفيين للعريش في هذا اليوم .. يوم الإضراب، و عندما دخل الصحفيون العريش وجدوها مغلقة و لا يوجد حتى أحد في الشارع".
و عن هذا اليوم قال الحاج فوزي المطري "عملنا أشكول كلب و ربطنا العلم الاسرائيلي في ذيله، كتبنا على الكلب ليفي أشكول، و أشعلنا النار في علم اسرائيل و عندما رأى الكلب العلم يشتعل جرى في شوارع البلد كلها، ليفي أشكول جرى في البلد كلها"!.
و عن التحقيق قال فوزي المطري "في التحقيق جاء القائد و معاه اثنين من العساكر كل واحد فيهم يحمل كورباج سوداني، قالي وشك للحيط و سألني، و كل سؤال على ما أجاوب كان ينزل علي 20 او 30 كورباج، الدم صار ينزل من وجهي و من أذني و من كل جسمي، الدم تبلد على جسمي لدرجة أني لم أعد أحس بالضرب".
و من العمليات الأخرى التي قامت بها المقاومة في سيناء يقول المطري "الإسرائيليين فوجئوا باحتراق مخازن الأسلحة بشكل شبه يومي، فقرروا الانتقام من منفذي تلك العمليات، و وقفت كتيبة اسرائيلية كاملة انتظرتهم عند الوادي و عندما خرج الشباب من المزارع أطلقوا عليهم النار، و قاومهم الشباب حتى نفذت ذخيرتهم و استشهد منهم واحد فقط، فرفعوا الراية البيضاء فقبضوا عليهم، و كان منهم واحد عمره 16 سنة، القاضي الاسرائيلي قاله انت تتأسف و تقول خلاص عمري ما هعملها فرفض و قاله هنطلع نقاوم، فحكموا عليه بالمؤبد و أفرجوا عنه بعد عدة سنوات".
نبرة الفخر التي اتسمت بها كلمات فوزي المطري في حديثه عن المقاومة، تحولت في لحظات إلى نبرة من الحزن و الحسرة و هو يقول "أنا أب لتسع شباب شاهدوا جميعا ما نلت من اضطهاد و تعذيب و سجن من قبل العدو، منذ السلام تم تكريم عدد ممن قاموا بأعمال وطنية أثناء فترة الاحتلال، و لم يتم تكريم الكثرين ممن قاموا بمثل هذه الأعمال بحجة أنهم لم يكونوا مكلفين، منذ السلام و أنا أتقدم لأنال ورقة مطبوعة، مجرد شهادة تقدير أقدمها لأولادي ليحملوا من بعدي حب الوطن و الاستعداد للتضحية من أجله، نحن لا نريد مال و لا جاه بل ما يثبت مواقفنا الوطنية تجاه العدو لتتفاخر أجيالنا بوطنية الآباء و تضحياتهم من أجل الوطن".
و في النهاية حملني الحاج فوزي المطري رسالة "قل لهم الوطنية شعور ينمو في النفس و يرسخ في الفؤاد كلما كبرت هموم الوطن و ليست الوطنية أمر تكليف و تنفيذ أوامر".

No comments: