Thursday, July 12, 2007

تحية لمن كان يوما إسرائيليا!!

نشر في بص و طل
أحمد بلال
أن تتحدث عن دولة فلسطينية من البحر إلى النهر، قد يكون حلما بعيد المنال في نظر الكثير من الساسة في وقتنا الحالي، فكلهم يتحدثون عن ضرورة القبول بالأمر الواقع، و الاعتراف بما يسمى "دولة إسرائيل"، و الاعتماد على "الخيار" الذي وصفوه بأنه استراتيجيا، و هو ما يسمونه بالسلام، و لما كنا في زمن انقلبت فيه كل المفاهيم، فقد كان من الطبيعي أيضا أن تأتي العروبة من غير موطنها، حتى و لو كان المكان الذي تأتي منه هو الكيان الصهيوني نفسه.
حيث قرر المؤرخ الإسرائيلي "إيلان بابه" مغادرة "إسرائيل" و الإقامة في بريطانيا احتجاجا على الأجواء العنصرية داخل "إسرائيل" متهما "المجتمع الإسرائيلي" بأنه "عنصري و انعزالي و عاجز عن فهم تاريخه و عن الاعتراف بجرائمه و أنه يصعب التأثير عليه من الداخل، و قال "بابه" "على المؤرخ والمثقف أن يكون قادرا على إدارة حوار مع مجتمعه، ويبدو لي أنه بعد الحرب الثانية على لبنان بل قبل ذلك فقد أشخاص أمثالي ما هو مشترك مع السواد الأعظم من المجتمع اليهودي الإسرائيلي".
"إيلان بابه" الذي كتب كتابا بعنوان "التطهير العرقي في فلسطين"، كان قد فجر مؤخرا في محاضرة له في الولايات المتحدة عن الصهيونية, قنبلة من العيار الثقيل حين تحدث عن "التطهير العرقي" الذي قامت به العصابات الصهيونية في فلسطين منذ عام 1948، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة ضده في إسرائيل و خاصة بعد أن نشرت القناة السابعة الإسرائيلية مقتطفات من المحاضرة.
و قد تحدث د. إيلان الذي يعمل أستاذا للتاريخ و العلوم السياسية بجامعة حيفا عن عملية التطهير العرقي التي إنتهجتها العصابات الصهيونية لإقامة دولتهم المنشودة على أرض فلسطين قائلا "القيادة الصهيونية طردت المواطنين العرب بشكل منظم, بن جوريون هو الذي فكر و خطط لعملية التطهير العرقي ضد للعرب في 1948, و يتضح ذلك من الملاحظة التي كتبها في الخمسينات و تقول "يوجد عرب أكثر من اللازم في الجليل"".
و عن عنصرية الصهيونية أكد د. إيلان في محاضرته أنه "في اللحظة التي أعلنت فيها فلسطين أرضا مخصصة لليهود بدأت الصهيونية كمشروع إستعماري مستمر حتى اليوم, و لو أنكم سألتم أي يهودي في إسرائيل سيقول أن العائق أمام حياة أفضل هو وجود الفلسطينيين, 80 % من أعضاء الكنيست يشاركونهم أفكارهم, على حد قولهم فإنه طالما أن هناك فلسطينيين في فلسطين, فلا يوجد هناك مكانا آمنا للصهيونية كحركة قومية".
و تحدث د. إيلان عن الفكر الصهيوني القائم على طرد شعب بأكمله من أرضه قائلا "الصهيونية بغيضة فكريا و أخلاقيا, مع بداية الهجرة إلى فلسطين القيادة الصهيونية لم تكن تعلم كيف سيتم طرد الفلسطينيين, و لكن بعد ذلك تبلورت الكلمات بواسطة بن جوريون إلى خطة عملية لتطهير فلسطين عرقيا, و طرد المواطنيين الأصليين من الأرض" و أضاف د. إيلان "سياسات إسرائيل منظمة لعمل فلسطين بلا فلسطينيين, و هي مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية, و تستمر إسرائيل في سياسات التطهير العرقي و طرد الفلسطينيين بدون أن تقابل بأي إدانة على أفعالها".
كما أكد أن "11 زعيما صهيونيا إلتقوا في 10 مارس 1948 بعد الإعلان عن إنتهاء الحماية البريطانية و قرروا بدم بارد تنفيذ تطهير عرقي في فلسطين لإقامة دولة لليهود, كان هناك في فلسطين مليون عربي طرد 800 ألف منهم بشكل مماثل لعملية التطهير العرقي التي مورست في يوغوسلافيا".
كما أكد "بابه" أن "القيادة الصهيونية قامت بجرائم ضد الإنسانية, هؤلاء القيادات مجرمون, حيث كانوا يعلمون جيدا ماذا كانوا يفعلون, و كانوا يعلمون أنهم سيقومون بأعمال قتل لآلاف الفلسطينيين, و العالم كله يتجاهل هذه الجرائم ضد الإنسانية حتى اليوم".
"القيادة الصهيونية عززت المهاجرين الذين أتوا إلى فلسطين بكل متطلبات الحياة, في حين تصور الفلسطينيين على أنهم قنابل بشرية و تهديد بشري, يقولون لكل من سيكون على مقربة من الفلسطينيين أن يفعلوا معهم كل شئ, حتى تلك الأشياء التي التي فعلها الألمان ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية .. الأيديولوجية الصهيونية بغيضة, يجب أن نقول ذلك طالما أن رد الفعل العربي سيكون ناقما على التطهير العرقي, و مهم جدا أن نرسل رسالة إلى إسرائيل مفادها : طالما ستستمرون في دولتكم, فلن يكون لكم مكانا بين الدول المتحضرة".
و قال بابه -المعروف بموقفه الداعي إلى إقامة دولة ثنائية القومية في فلسطين كحل للصراع- أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عنصري وانعزالي وعاجز عن فهم تاريخه وعن الاعتراف بجرائمه، لافتا إلى أن هذا يصعب جدا التأثير على الإسرائيليين من الداخل، و أضاف "كما أنه من الصعب بحث التاريخ وسط ضغوط السلطات، وأرجو أن أواصل كتابة تاريخ البلاد في مؤسسة أكاديمية أكثر انفتاحا ونزاهة".
و عن رأيه في ما يدور على الساحة الفلسطينية قال د. إيلان "فقط عندما يشترك اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات والمنافي وداخل إسرائيل في القيادة ويساهمون في صياغة إستراتيجية مستقبلية يكون بمقدورنا نحن أصدقاء الشعب الفلسطيني التحرك بنجاح وممارسة الضغط الكبير على إسرائيل من الخارج بغية إنهاء الاحتلال والعمل من الداخل لبناء مستقبل مشترك".

No comments: