Tuesday, April 17, 2007

שלום עליכם .. "شالوم عليخم" من النادي اليوناني

ء* نشر بموقع عشرينات

هاآرتس الصهيونية : ترجمة : أحمد بلال

إذا كنت تملك شيئا ثمينا, فإنك تكون سعيدا جدا عندما تسمع كلمات الإعجاب من الجميع بهذا الشئ, و لكنك أيضا ستكون في قمة القلق, لو أن لصا نظر إلى هذا الشئ نظرة إعجاب واحدة, و لو حتى دون أن ينطق بأي كلمة, لأنك تعرف تماما ما جاء في بال هذا اللص.
و هكذا هو الأمر مع القاهرة, فأن يتغزل بها الجميع, فهو أمرا عاديا جدا, بل و يزيدنا حبا فيها, أما أن يعجب بها صهيونيا, فذلك ما يدعو للقلق, قد يقول البعض ماذا سيفعلون أكثر مما فعلوا ؟!!!, أخرجونا من دائرة الصراع العربي الصهيوني, و رفعوا خرقة بالية عليها خطان أزرقان و نجمة سداسية في سماء القاهرة, و كأنهم بتلك الخرقة التي تسمى علما, يعلنون أن عدو اليوم أصبح صديق, و بعد سنوات طويلة, تأكدوا أن ذلك لم يكن إلا وهما, فأطفالنا يرضعون كره الصهاينة مع الحليب من ثدي أمهاتهم, فجاؤوا إلينا من جديد, ليحررونا كما يقولون من فوبيا الإسرائيليين!!.
الصهيوني بني تسيفر, الصحفي في جريدة هاآرتس الصهيونية, أرسل لجريدته موضوعا من القاهرة نشر يوم الأربعاء الماضي, تناول فيه يومياته في القاهرة, و محاولاته لإخراج بعض المصريين من "فوبيا الإسرائيليين" كما سماها, فكتب يقول .. "يقال أن تل أبيب مدينة بها حياة ليلية صاخبة, و لكنني من الصعب علي أن أتقبل هذا, و يمكنني القول أن تل أبيب مدينة ميتة بالمرة في معظم الليالي, تدب فيها الحياة الليلية في نهاية الأسبوع فقط, ثم ما تلبث أن تعود إلى موتها, و هذا ليس بالضبط ما يمكن أن يوصف بأنه "مدينة بلا توقف".
القاهرة .. على العكس تماما, فهي المدينة التي لا تخلد للنوم حقا, الآن على سبيل المثال, نصف ساعه بعد منتصف الليل, نزلت من غرفتي لأشتري زجاجة مياه غازية, الشوارع لا تزال ممتلئة و عدد من المحلات لا يزال مفتوحا.
ما يمكن أن تفعله في مدينة حية مثل هذه من وجهة نظري هو التجول في الشوارع, في تل أبيب, مثل دول كثيرة في العالم الثالث, الفقراء و كبار السن فقط هم الذين يتجولون مشيا على الأقدام, أما الباقي فبالسيارات, و لكن الوضع لا يكون كذلك دائما, ففي القاهرة الصورة غير منطقية إطلاقا, الفقر هنا مثل الثراء, الجميع يمتزجون ببعضهم البعض في الشوارع, مما يخفف حدة الاغتراب بينهم.
خرجت هنا لأماكن التجمعات التي لم أشعر فيها بأي حيرى أو ارتباك, كان ذلك أمس في "النادي اليوناني", أحد الأماكن القدية و الغالية في القاهرة, يقع النادي اليوناني في الطابق الأول من مبنى ضخم يقع في ميدان طلعت حرب, فوق مقهى جروبي التاريخي, عند الدخول يتم دفع خمسة جنيهات, باستثناء أعضاء النادي, و هم أبناء الجالية اليونانية بالقاهرة, الموسيقى اليونانية و قاعة النادي, و الثريات القديمة, و السجاد المفروش على الأرض, يأخذك لأماكن بعيدة و جميلة.
كنت هناك مع صديقتي شيماء, رسامه مصرية عائدة للتو من حلب السورية, حيث كانت تعرض لوحاتها هناك, طلبت منها أن تحكي لي عن سوريا و عن رجالها, حيث أننا نؤمن في إسرائيل أن سوريا دولة مخربة و لا ترحم, لم تفهم شيماء جيدا عما أتحدث, فحكت لي أن الرجال الذين قابلتهم هناك كانوا لطافا جدا, و ودودين جدا, و أن حلب مدينة ساحرة الجمال, و مرممة بشكل مذهل.
زيارة سوريا بالنسبة لها كانت شيئا عاديا, ليس مثلنا الذين نرى في سوريا عدوا لنا, و نؤمن أنه في الساعه التي سنكون فيها بدون قوة فلن يكون لنا وجود في هضبة الجولان السورية, و لذلك فإن أي محاولة لعمل مفاوضات مع سوريا تصيب قيادات إسرائيل بالرعب, و يتضح ذلك من الضجة التي فعلوها عندما سمعوا أن أعضاء الكنيست العرب مسافرون إلى سوريا, و كأنهم سافروا للقاء هتلر, في اعتقادي أن العلاقة بسوريا خرجت تماما من نطاق المنطقية و انقلبت إلى فوبيا.
حضرت إلى القاهرة لعدة أسباب, و منها محاولة إخراج البعض من دائرة فوبيا الإسرائيليين, عن طريق أن تشرب بيره "ستيلا" في النادي اليوناني, أن تقول "شالوم" لفرقة وسط البلد الموسيقية الموجودين على الطاولة المجاورة, و الذين حضرت لهم عرضا في السنة الماضية, و قد تعرفت أيضا على بعضا منهم, كل ذلك كان بالأمس, و اليوم جلست مع مجموعة من الأصدقاء, رجال السفارة التركية بالقاهرة, في بار اسمه "دون كيشوت" في الزمالك, الحاضرون عددهم قليل, إلا أن معظمهم من الراشدين, أحاول أن أخمن استقبال إسرائيليين في بار مغلق كهذا, الموسيقى فيه ليست مزعجة, ويمكن الجلوس فيه مع الأصدقاء و الشعور بالراحة.
قررت أن أذهب في الصباح لمكتبة الديوان في الزمالك, لأشتري كتابين, اشتريت أحدهم ذات مرة و لكنه سرق مني, و هو كتاب عن التصميم المعماري للقاهرة, و لكن قدمي حملتني إلى مكان آخر, فجأة انحرفت إلى مساكن لم أدخلها إطلاقا طوال عشرات الزيارات التي قمت بها للقاهرة, كانت هذه المساكن هي بولاق, و هي واحدة من مساكن القاهرة الفقيرة.
عندما أقول أن الفقر القاهري ثراء كبير, فأنا لا أتحدث بمثالية, فالأكل القاهري الفقير ألذ و أطيب من ذلك الأكل الغالي في تل أبيب, الطيور هنا تذبح أمام العيون و لا تمر بعمليات الإعداد تلك التي تقوم بها معامل الطيور الإسرائيلية, الليمون هنا مدهش, و كم هو لذيذ أن تعصر ليمونة مصرية في كوب شاي.
وهنا مكان يجب أن يأكل منه كل من يأتي إلى القاهرة, و هو مطعم الفول الشعبي "الجحش" ( و تعني حمار ), و يقع في الطريق بين مسجد السيدة زينب و مسجد ابن طولون في القاهرة, كل فرد هنا له مطعك الفول المحبب إليه، و لكن "الجحش" ببساطة مطعم فول من النوع الخرافي, و قد أحببت فيه الفلافل أيضا المصنوعة من الفول, ذهبت إلى هناك و جلست على طاولة, و أخذت طبق فول و طبق فلافل عليهم خضروات, و سلطة خضروات و خيار و حمضيات و مياه معدنية, و أكلت حتى شبعت, بسبعة جنيهات فقط, أي حوالي خمسة شيقلات أو أقل.
في المقهى القريب جلس العشرات يشاهدون مباراة كرة القدم بين فريق الأهلي المصري و فريق من نيوزيلنده, و بين الحين و الآخر تتعالى صيحات الفرح من هناك, و خاصة بعد معرفة النتيجة النهائية, و بدأت السيارات تزمر من الفرح بسبب فوز الأهلي, و برغم أنه ليس عندي أي فكرة عن كرة القدم, إلا أنه خطرت في بالي فكرة, أنه في نقابل تلك الحروب الحمقاء كان من الممكن أن نقيم حوار بين الدول بواسطة الألعاب الرياضية, و بذلك نرتاح, إسرائيل تلعب ضد سوريا و من يفوز سيأخذ الجولان, و تلعب إسرائيل ضد لبنان و من يفوز يأخذ مزارع شبعا, و هكذا تلعب إسرائيل ضد الفلسطينيين.
العالم كبير و جميل, و أنا أريد أن أتوقف لأرى بعيني حلب الجميلة, و دمشق التي يحكى عن روعتها, و أن أكون حرا في السفر بسيارتي من مدينتي إلى إسطنبول, عن طريق سوريا و لبنان, في مصر أحتفظ الآن بصديقة أرادت أن تنضم إلي في ذلك."

No comments: