Tuesday, April 17, 2007

زهور المقاومة

نشر بموقع عشرينات*
كتب : أحمد بلال

الرقة .. الحب .. الرومانسية .. الجمال، كلها كلمات تعني عند البعض منا شيء واحد فقط، هو .. المرأة، الطاعة .. راحة الرجل .. التزام المنزل .. تربية الأطفال، كلمات أخرى تعني عند آخرين شيء واحد فقط أيضا هو .. المرأة.
المقاومة .. الشهامة .. الفداء .. الدفاع عن الوطن .. الشرف .. الكرامة، كلها كلمات ارتبطت في ذهن الأغلبية منا بالرجل، و هذا ليس غريبا على مجتمع ذكوري كمجتمعنا، الواقع وحده هو الذي أثبت خطأ هذه المعادلات، فبينما كان الرجال يساومون على الوطن و يفرطون في ترابه، و بينما كان الرجال و خاصة القادة و الحكام، يركعون و يسجدون و يسبحون و يحمدون و يشكرون العدو الأمريكي الصهيوني، كانت المرأة العربية تدفع من دمائها و عمرها ثمنا لحرية وطنها الذي فرط فيه .. الرجال.
"نحن شعب يطالب بحقه .. بوطنه الذي سرقتموه .. ما الذي جاء بكم إلى أرضنا ؟" ... " لتعلموا جميعا أن أرض فلسطين عربية، وستظل كذلك مهما علت أصواتكم وبنيانكم على أرضها" .. كلمات قد لا يستغربها أحدكم، فمثقفينا لا يكفون عن الطنطنة بها في مجالسهم ليل نهار، و قياداتنا السياسية و الحزبية لا يكفون عن الصراخ بها في مؤتمراتهم ليل نهار، أما ما يميز هذه الكلمات فهو أنها قيلت في المكان المناسب، على أرض فلسطين المحتلة، على مرأى و مسمع من الصهاينة، و في الوقت المناسب، أثناء عملية استشهادية، قادتها المناضلة الشهيدة دلال المغربي، و هي نفسها التي صرخت بهذه الكلمات في وجه من اغتصبوا وطننا.
ولدت دلال عام 1958، لأسرة فلسطينية من يافا لجأت إلى لبنان في أعقاب النكبة عام 1948، و تلقت تعليمها في المرحلة الابتدائية و الإعدادية بمدارس تابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في بيروت، و انخرطت دلال في صفوف شبيبة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، و اشتركت من خلالها في عدة معسكرات للتدريب العسكري حيث تدربت على السلاح و حرب العصابات.
و في عام 1987، قررت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، القيام بعملية فدائية كبيرة، ترد بها على اغتيال الشهداء كمال عدوان، كمال ناصر و محمد النجار، اللذين اغتالتهم وحدة كوماندوز صهيونية بقيادة رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق إيهود باراك في منازلهم ببيروت، كما هدفت العملية أيضا إلى لفت أنظار العالم لقضية شعبنا العربي الفلسطيني.
العملية التي خطط لها أبو جهاد، لم تكن عملية تقليدية، فالهدف منها هو اقتحام مبنى الكنيست الصهيوني، و الطريقة هي عملية إنزال بحري على شواطئ يافا، و القيادة سلمت لفتاة لم تتجاوز العشرين ربيعا، اسم العملية كان معبرا عن هدفها فسميت بعملية "كمال عدوان"، حتى اسم المجموعة الفدائية فكان "دير ياسين"، لتذكير العالم بمذبحة دير ياسين التي ارتكبها رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك مناحم بيجن، و لما كانت عملية "كمال عدوان" عملية فريدة من نوعها، فكان من الطبيعي أن يكون منفذيها مقاتلين من طراز خاص، و بالفعل تم اختيار 13 مقاتلا بعد تدريبهم تدريبا خاصا، و كان على رأسهم دلال المغربي.
كانت الخطة تقضي بعملية إنزال على شواطئ يافا يقوم بها المقاتلون الفلسطينيون بواسطة زوارق مطاطية، بعدها يختطفون حافلة نقل صهيونية و يتجهون به إلى تل أبيب حيث الكنيست الصهيوني، بالفعل تم تنفيذ العملية كما خطط لها في 11 إبريل 1978، نزلت المجموعة إلى الشاطئ ثم انطلقت إلى الطريق العام قرب مستعمرة (معجان ميخائيل)، و هناك استطاعت المجموعة توقيف أتوبيس ركاب، و اختطافه بركابه البالغ عددهم 30 صهيونيا كرهائن، و في الطريق تمكنت المجموعة من السيطرة على أتوبيس ثان و نقلوا ركابه إلى الأول ليصل العدد إلى 68 رهينة.
كان وجود الفدائيين، على أرض فلسطين المحتلة، أمرا مستحيلا في نظر الصهاينة، فساد الرعب بين الرهائن الصهاينة حتى على صوت دلال قائلا لهم "نحن لا نريد قتلكم .. نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر .. نحن شعب يطالب بحقه، بوطنه الذي سرقتموه، ما الذي جاء بكم إلى أرضنا ؟"، كانت دلال تتحدث باللغة العربية، لغة الأرض التي تسير عليها، و لكنها لم تكن لغة من استوطنوها، فلم يفهموها، حتى خرج من بين الرهائن فتاة صهيونية من أصل مغربي، عملت على ترجمة ما تقوله دلال، و وجهت دلال خطابها للصهاينة مرة أخرى قائلة "لتعلموا جميعا أن أرض فلسطين عربية وستظل كذلك مهما علت أصواتكم وبنيانكم على أرضها"، ثم أخرجت دلال من حقيبتها علم فلسطين وقبلته بكل خشوع ثم رفعته داخل الأتوبيس.
اجتازت مجموعة "دير ياسين" بقيادة دلال عدد من الحواجز التي نصبها الصهاينة على الطريق في محاولة لمنعها من الوصول لهدفها، و عند كل حاجز كانت تدور معركة، تنتصر فيها دلال و مجموعتها، و تواصل التقدم، حتى وصلوا إلى مشارف تل أبيب حيث يوجد الكنيست، و لما لم تنجح حكومة الكيان الصهيوني و جيشها في التصدي للمجموعة الفدائية على مدار ساعتين متواصلتين، فقد أصدرت أوامرها لوحدة من القوات الخاصة في الجيش الصهيوني للتصدي للفدائيين و كان على رأس هذه الوحدة إيهود باراك.
تمركزت الوحدة الصهيونية الخاصة على مشارف تل أبيب، و عند وصول الأتوبيس تحركت المدرعات و الآليات الصهيونية لمقابلته، بعد أن أمرهم باراك بإيقاف المجموعة مهما كلف الأمر، فجروا إطارات الأتوبيس، و طلبوا من الفدائيين الاستسلام، و بالطبع قوبل طلبهم بالرفض، فمثل هؤلاء الذين حملوا أرواحهم على أيديهم إيمانا منهم بعدالة قضيتهم، لا يؤمنون إلا بشيئين .. فإما النصر .. أو الشهادة.
لم يكن القرار عندها يحتمل التأويل، المقاومة حتى الرصاصة الأخيرة، أمرت دلال رفاقها بمواجهة القوة الصهيونية بأسلحتهم الخفيفة، و دارت معركة طاحنة بين الطرفين أسفرت عن مقتل 30 صهيونيا و جرح أكثر من 80 حسب ما أعلنته المصادر الصهيونية آنذاك، و في الجانب الآخر استشهد أحد عشر فدائيا، و أسر آخر، و نجح فدائي في الفرار، و .. استشهدت دلال المغربي .. في يافا .. مدينتها التي لم تراها في حياتها إلا يوم شهادتها، فتنفست من هوائها .. و روت أرضها بدمائها.
الجرأة التي نفذت بها عملية "دير ياسين" أذهلت الكيان الصهيوني، و لكن ما أذهله أكثر هو ما قيل لباراك عندما انقض على الفدائي الأسير ليسأله عن قائد المجموعة، فأشار بيده إلى فتاة مضرجة في دمائها، و بالطبع لم يصدق باراك، فكرر سؤاله مرة أخرى فأجابه الفدائي الأسير .. "إنها دلال المغربي".
ليلى خالد
"مش انت اللي لازم تموت .. ليش مت هيك .. مش أنت اللي تموت .. أنا اللي لازم أموت .. أنا الفلسطينية .. أنا اللي لازم أموت".
كانت تلك صرخات المناضلة ليلى خالد، أو "الرفيقة شادية"، و هي تندب رفيقها المناضل الأممي النيكاراجوي باتريك أرغويلو، بعد استشهادة أثناء إحدى عمليات خطف الطائرات التي ابتدعتها ليلى خالد.
ولدت ليلى خالد عام 1944، في مدينة حيفا، و بعد أربع سنوات فقط، لجأت أسرتها إلى لبنان بعد أن هجرها الصهاينة من موطنهم، و هناك تلقت ليلى خالد تعليمها، حتى بدأت نضالها و هي بنت الخمسة عشر ربيعا، عندما التحقت بـ"حركة القوميين العرب".
سافرت ليلى للعمل في الكويت، و هناك نشطت في حركة القوميين العرب التي كانت تعمل بشكل سري في الكويت، كان حلمها أن تكون واحدة من هؤلاء العربيات اللائي ضربن أروع الأمثلة في الفداء و التضحية بالروح في سبيل الوطن، عادت من الكويت و طلبت من قيادتها في الحركة الاشتراك في العمليات العسكرية، التي تقوم بها الحركة داخل أرض فلسطين المحتلة.
انضمت ليلى خالد إلى "شعبة العمليات الخارجية"، في حركة القوميين العرب التي تغير اسمها في فلسطين إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أظهرت ليلى خالد و التي عرفت بالاسم الحركي "الرفيقة شادية أبو غزالة"، مهارة كبيرة في التدريبات العسكرية التي تلقتها في الأردن، حتى كلفها المناضل الدكتور وديع حداد القيام بعملية فدائية، و هو ما كان حلما جميلا تحلم به ليلى ليل نهار، و لكن العملية المنوط بليلى خالد القيام بها لم تكن عملية عسكري كلاسيكية، و إنما كانت .. خطف طائرة أمريكية متجهة إلى تل أبيب.
"تشي جيفارا"، الثائر الاشتراكي الأممي، كان اسمه هو نفس اسم المجموعة التي نفذت عملية خطف الطائرة، و التي تشكلت من ليلى خالد أو "الرفيقة شادية" التي لم يتجاوز عمرها في ذلك الوقت 25 عاما، و رفيق لها من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و في 28 أغسطس 1969، تم تنفيذ الخطة، و اختطاف الطائرة الأمريكية التي أقلعت من روما و التي كان من المفترض أن يكون على متنها إسحق رابين، إلا أنه غير الطائرة في اللحظات الأخيرة و عاد إلى فلسطين المحتلة على طائرات شركة العال الصهيونية.
بعد نصف ساعة من إقلاع الطائرة، اتجهت ليلى خالد مع رفيقها إلى غرفة القيادة و أعلنوا لكابتن الطائرة أن القائد الجديد هو "الرفيقة شادية"، و أن الطائرة تم اختطافها ليلفتوا أنظار العالم لقضية الشعب الفلسطيني، و لتحرير الأسرى الفلسطينيين، في سجون الاحتلال الصهيوني، اتخذت ليلى خالد اسم "الجبهة الشعبية .. فلسطين حرة عربية" اسما للطائرة المختطفة، و خاطبت مطارات العالم من الطائرة معلنة اسم الطائرة المختطفة، و الذي كانت تردده المطارات بمختلف اللغات.
تقول ليلى خالد " صرت أحكي مع مصر فهو اللي على البرج صار مثل المصروع الله إيه ده مين دي؟ أبصر شو أقوله الجبهة الشعبية فلسطين حرة عربية بردش عليك إذا خاطبتني بنفس الكود وصار يقول الله يا جبهة يا شعبية يا فلسطين يا حرة يا عربية، رايحين فين قلت له رايحين زيارة على فلسطين قال إيه ده دي مجنونة اللي فوق ولا إيه؟، بالطبع كان الرجل يقصد ما يقول، فما يعرفه أن العودة لفلسطين حلما بعيد المنال، حتى صدم بفتاة في الخامسة و العشرين، تقول له بكل هدوء و كل بساطة، "رايحين زيارة على فلسطين".
و عندما وصلت الطائرة إلى سماء فلسطين المحتلة، طلبت ليلى خالد من برج المراقبة أن يردد اسم الطائرة، و بالطبع كان صعبا على صهيونيا أن يردد "الجبهة الشعبية .. فلسطين حرة عربية"، و بشكل عفوي أمسك كابتن الطائرة الأمريكي المايك، و أبلغ الصهيوني أن عليه ترديد اسم الطائرة و إلا ستنفجر بمن عليها، و على الفور ردد الصهيوني اسم الطائرة، و بكل بساطة تقول له ليلى خالد، "لا أسمعك، قلها مرة أخرى"، و كأنها تنزع منه اعترافا بعروبة فلسطين، و حقه في التحرر منه و من أمثاله.
حلم العودة إلى الوطن .. حلما راود ليلى طوال عمرها، بل و حتى الآن، فعندما وصلت إلى سماء فلسطين، أمرت الطيار أن يطير على مستوى منخفض فوق مدينة حيفا، و شرحت له هو ركاب الطائرة السبب، في محاولة للفت أنظار العالم إلى قضية اللاجئين، فقالت لهم أنها و رفيقها من حيفا، و هجروا منها، و يحلمون بالعودة إليها مرة أخرى، و يحلمون الآن فقط برؤية حيفا و لو حتى من السماء.
حطت الطائرة في مطار دمشق، و أجلوا منها جميع ركابها، و تفاوض السوريين مع الصهاينة عبر الصليب الأحمر، و تم تبادل 6 صهاينة بـ 13 سوريا من بينهما طياريين عسكريين، كان ذلك التبادل أقل من مطالب مجموعة "تشي جيفارا"، و لكنه كان نجاحا على أية حال، بعدها فجرت ليلى خالد الطائرة، و سلمت ليلى خالد و رفيقها نفسيهما إلى السلطات السورية، و بعد فترة، عادت إلى الأردن و منها إلى لبنان.
بعد عام واحد على تنفيذ العملية الأولى، تم تكليف ليلى خالد بخطف طائرة أخرى تابعة لشركة العال الصهيونية، لم يكن الأمر سهلا هذه المرة، فليلى خالد أصبحت مطلوبة دوليا، و صورها ملأت الصفحات الأولى من الصحف و المجلات على مستوى العالم، و لكن كل ذلك لم يعني شيئا لليلى خالد، فحلم العودة عندها أكبر من أي شيء.
أجرت ليلى عملية جراحية بسيطة لتغيير ملامح وجهها، و صعدت على طائرة العال الصهيونية مع رفيقها النيكاراجوي، بجوازات سفر هندوراسية، يوم السادس من سبتمبر 1970، من مطار أمستردام، كان على متن الطائرة أهارون باريتز، رئيس المخابرات العسكرية الصهيونية آنذاك، و كان من المفترض أن يصعد معهما رفيقين آخرين إلا أنهما تم منعهما من صعود الطائرة بحجة عدم وجود أماكن كافية، و تم الحجز لهما على طائرة "بان أميريكان" فقاما باختطافها هي الأخرى.
في اللحظة المناسبة .. تحركت ليلى خالد مع رفيقها النيكاراجوي باتريك، تحركت ليلى للهجوم على غرفة القضايا، و حاول باتريك السيطرة على الطائرة، إلا أنه فوجئ بستة من المسلحين، من الحرس الخاص لرئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونية يطلقون عليه وابلا من الرصاص، و دارت بينهما معركة غير متكافئة، و لو كان رفيقيهما الآخرين قد تمكنا من الالتحاق بنفس الرحلة لانتهت المعركة نهاية أخرى غير التي انتهت بها.
سقط باتريك متأثرا بجراحه و فوجئت ليلى بمن يضربها على رأسها لتسقط فاقدة الوعي، بعدها حطت الطائرة في مطار لندن، و اعتقلت السلطات الإنجليزية ليلى، بعدها و بشكل عفوي قام باختطاف طائرة من مطار دبي، و لبس "مايوه" سباحة منتفخ، و أوهم قيادة الطائرة بأنه حزام نسف و طلب منهم التوجه إلى بيروت ثم إلى الأردن مطالبا بالإفراج عن ليلى خالد، التي أفرج عنها بالفعل بعد 28 يوما فقط، و عادت بعدها إلى الأردن مرورا بمصر، و مازالت ليلى خالد تواصل نضالها السياسي بين رفاقها في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حتى اليوم.
"لما كنت طالبة شيوعية، و منحدرة من عائلة مسيحية أرثوذكسية إلا أنها لبنانية بالصميم، ألفيتُني منخرطة في الحرب، منذ مراهقتي المبكرة، ضد كل ما يجسد هذا الوجود الغريب في أرضي، ودفعت من حريتي ثمناً لخوضي هذه الحرب، إذ أودعت في الزنزانة بلا محاكمة، ومن دون أن يتسنى لي معرفة سنوات العقوبة المفروضة علي".
هكذا تحدثت سهى بشارة في مذكراتها .. سهى بشارة، زهرة الجنوب المحررة التي ولدت عام 1967، في بلدة دير ميماس في الجنوب اللبناني، و بدأت نضالها السياسي مناضلة في الحزب الشيوعي اللبناني، كانت تدرس الرياضيات في الجامعة قبل عام واحد من تنفيذها عمليتها الفدائية، حين .. قررت ترك دراسة الرياضيات في الجامعة، لتعمل مدرسة باليه في مدرسة مرجعيون، الكائنة على الشريط الحدودي المحتل.
قرار سهى بترك دراستها، و التوجه للجنوب للعمل كمدرسة لرقص الباليه، لم يكن قرارا شخصيا، و إنما تكليفا من قيادتها في الحزب الشيوعي اللبناني، تمهيدا لاغتيال العميل أنطوان لحد قائد ما سمي وقتها بجيش لبنان الجنوبي المتحالف مع الكيان الصهيوني، بعد فترة قصير من عملها في مدرسة مرجعيون، وطدت سهى علاقتها بأسرة العميل و خاصة زوجته، حيث عملت سهى على إعطاء دروسا خاصة لأفراد تلك الأسرة.
و في مساء الاثنين 17 / 11 / 1988، دعت زوجة الجنرال لحد "مدرسة الباليه" سهى بشارة لشرب الشاي معها، رأت سهى في هذه الدعوة اللحظة المناسبة لتنفيذ المهمة المكلفة بها، و بالفعل توجهت سهى إلى منزل العميل أنطوان لحد، و تحدثت مع زوجته حتى وصل لحد إلى المنزل، تحدثت معه سهى في عدد من الموضوعات الخاصة بالعمل الاجتماعي في المنطقة.
"كانت الساعة لم تبلغ الثامنة مساءً بعد، وبدا أنطوان لحد، الجالس عن يميني، يواصل كلامه، وللحظة وقع نظره علي وأخذ يرمقني بشيء من الفضول، جذبتُ نحوي الحقيبة الموضوعة لدى قدمي. وكنتُ هادئة هدوءاً غريباً، دسستُ يدي في الفتحة مشيرة إلى مينرفا بأني جلبتُ لها المفاتيح والشرائط المسجلة التي طلبتها مني، وفي خفية عن الأنظار، قبضت يمناي بشدة على أخمص المسدس. وفيما أنا جالسة، أخرجتُ قبضتي المسلحة بالمسدس من الحقيبة، وببرودة أعصاب، وللحال صوبت، بذراعي اليمنى، نحو قائد الميليشيا، وأسندتُ معصمي بيسراي .. و على التخمين، صوبتُ نحو القلب"، أطلقت سهى ثلاث طلقات من المسدس الذي أعطاه إياها المناضل الشهيد جورج حاوي الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، على العميل أنطوان لحد ليسقط على الأرض بلا حراك.
و عندما سألوها لماذا قتلتيه، ردت سها بكل هدوء و كل تحدي، و لم يكن عمرها يتجاوز 21 عاما في ذلك الوقت "إنما هو الذي يقتلنا .. أنا عضو في المقاومة اللبنانية و أنتمي للحزب الشيوعي اللبناني".
أعتقلت سهى .. و تم نقلها إلى الكيان الصهيوني للتحقيق معها، و بعد حملة ضغط دولية سلمها الكيان الصهيوني لعملاء جيش لبنان الجنوبي بغرض الانتقام منها، و قضت سهى عشر سنوات في سجن الخيام، حتى تم الإفراج عنها في عام 1998.
فتيات عربيات .. أحبوا الوطن .. و ضحوا من أجله، فضربوا أروع أمثال البطولة و الفداء، و أثبتوا لهؤلاء .. الذين لا يرون الرجولة إلا في الشارب أو اللحية أو شيء آخر، أن الرجولة الحقيقية هي الموقف، و رفض الظلم و الذل و الانكسار.

1 comment:

Anonymous said...

ورده.. على قبر دلال

مستلقيه جنب الطريق
ساكنه..
وساكن حسها
حوريه, م الصنف البرئ
والدنيا..
غامت شمسها

الخدود
تفاح يافاوى
والعيون..
بينطقوا كل الحكاوى
والنهود..
جبلين فى "نابلس"
يرقبوا باب السما
يندهوا كل الكواكب
ينزلوا
ويرتلوا سفر البشاره
يكشفوا رؤيا النبى
فى عيون "دلال المغربى"

يا أرض..
لا تستغربى
نايمه الصبيه,
تستريح من مشاوير الشقا

يا أرض..
لا تستغربى
وما تسأليش ليه الهدوم متمزقه
ليه الغيطان بدمعها متغرقه

يا أرض..
لا تستغربى
لا شئ غريب
بنتك دلال
لمحوا فى عنيها أمنيات متشوقه
ضبطوها بتناجى الحبيب
وتغنى لعيون القمر
قبضوا عليها فـ"تل أبيب"
وعلقولها المشنقه

لون خدودها
نار, وتوت
العساكر- يوم ميلادها –
فتشت كل البيوت
السجون فى عسقلان والرمله..
كانوا مفتوحين
كل أم.. بجفنها غطت ولادها
يوم ميلادها...
فى العراق أترصصت صفة مشانق
والبنادق
مزقت عضم الضهور
كانت الأساطيل بتتخفى فى ليل بيروت
كانت الحسره بتبنى عشها..
جوه الصدور
يوم ميلادها
قبل عشرين م السنين

وف مصر
كان عامل صعيدى
بيستحمى ف بحر عرقه
وبيوزع على الفقرا الغنا..
والمنشورات..
والحب
عينه رفت
قبل ما يكمل كلامه..
الأغانى ف حلقه جفت

كان عشابة مخبرين بتحوطه
بص بعنيه الشمال
شاف الغيوم
فتح العيون – الهموم
م الجراح.. نز الصديد
كانت القصه القديمه من جديد

كل الحلوق ف مصر كانوا مجروحين
صابها العطش م الأنتظار
والنهار..
كان بيشتاق الدفا
وأختفى
أختفى ف ضهر البيوت

يوم ميلادها
كل من شافها بكى, ودور عنيه
كل من شافها صرخ :
- دى بنت موت !!
يوم ما ماتت
كنت أنا ف سجنى
بأحاول أنتشل نفسى من الغربه
واغنى,
ورغم غنى..
عمرى ما عرفتش دلال
ولا كنت اسمع عنها
لما شفت صورتها فى الجرنان, بكيت
مش بكا الناس لو يشوفوا الميتين
كانت البسمه ف شفايفها..
بتدبح بسمتى

كانت النظره
بتبدى القصه, وتعيدها
وبصراحه..
كنت بأحسدها

يا أرض..
لا تستغربى
نايمه الصبيه, بتستريح فوق دراعك
ريحيها
من خضارك..
خضريها
من سمار قلبك, وناسك
سمريها
واوعى تبكى
لبانحيبك تقلقيها

يا شمس..
هلى.. وقربى
وارخى شعورك
زغللى سعف النخيل
واتمخترى عند "الجليل"
وشرقى
فوق "يافا" – دايما شرقى
وأوعى يا شمس, تعودى تانى..
تغربى
يانجمه, يا طالعه فى السما
شايله الهموم, ومسهمه
ما تقربى

يا كل أغصان الزتون
أتجمعوا
يا كل أشراف الرجال
يا كل أطهار الصبايا والعيال
ع الأرض – جنبى – ربعوا
راح تسمعوا
كيف الأغانى بتنكتب
بالدم.. ع الأرض الرطب
كيف السعاده بتنجدل ويا التعب
كيف الضفاير الدهب
وسط السحابه ام اللهب
بيطلعوا
غصبا عن الليل الغبى
صبح الصبيه, والصبى
ويرجعوا
نور البدايات الوسيعه
والبشاره
والنبى
ف عيون "دلال المغربى"