Thursday, April 26, 2007

عاملات المحلة هتفن بسقوط حسني مبارك

نشر بموقع حريتنا
تقرير أحمد بلال

المحلة الكبرى التي أشعلت الانتفاضة العمالية التي عمت مصر مؤخرا، لم يختلف فيها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، عن باقي مدن الجمهورية، فاللجان خاوية على عروشها، و الحزب الوطني فشل في جمع كل من يدعي أنهم أعضائه، و الأهالي لا تتردد على ألسنتهم سوى كلمات تدل على وعيهم التام بأبعاد المسرحية.
منذ الصباح، كانت حالة الارتباك واضحة تماما على قيادات الحزب الوطني بالمحلة، و خاصة بعد المقاطعة الغير متوقعة من الناخبين، الأمر الذي أدى إلى تدخل الشرطة و قيادات الحزب الوطني لإجبار عمال مرفق النقل الداخلي باستخدام أتوبيسات المرفق في نقل المواطنين إلى اللجان، و عندما رفض العمال، هددوهم بتوقيع جزاءات عليهم، و منعوهم من التوقيع في دفتر الحضور إلا بعد تنفيذهم ما طلب منهم، حيث سيسمح بعدها للعمال بالتوقيع في دفتر الحضور و الانصراف معا!!، و تحت الضغط الأمني و الإداري اضطر المرفق إلى تخصيص 29 أتوبيسا لنقل الناخبين، و من ناحية أخرى وضع نقيب السائقين بالمحلة إبراهيم قشطة 50 ميكروباصا تحت قيادة غرفة العمليات في الحزب الوطني، بعد أن دفع لكل سيارة مبلغ 100 جنيه، كلها من أموال النقابة.
التجاوزات كانت الشيء الوحيد الذي اتفقت فيه كل اللجان في المحلة، فالحبر الفوسفوري حتى و إن كان موجودا فلم يتم استعماله إلا نادرا، بل أن بعض اللجان مثل لجان 28، 29، 30 في مدرسة عبد المجيد كريم استبدلوا الحبر الفوسفوري بحبر أزرق عادي موضوع في "ختامة"!!، و القضاة لم يحضروا في معظم اللجان إن لم يكن كلها، و التصويت لم يكن يتم خلف الستائر بل كانت الصناديق موضوعة بجانب الموظفين في معظم اللجان، و على كل أبواب اللجان وضعت لافتات و ملصقات الحزب الوطني الداعية للتصويت بـ"نعم".
و الوجود الأمني كان كثيفا على أبواب اللجان، إن لم يكن داخلها أيضا مثلما حدث في لجان 31، 32، 33 بمدرسة مدينة العمال الإعدادية بنين، حيث شاركت الشرطة أعضاء الحزب الوطني في تسويد البطاقات، حتى أماكن اللجان نفسها داخل المدارس كان مثيرا للقلق، فبعضها تمت إقامته في الأدوار العلوية للمدرسة و ليس في الدور الأرضي كما يتم في الانتخابات العادية، و بعضها تم في طرقات داخلية في المدرسة حتى تتم عملية التزوير بعيدا عن العيون، بل أن بعض المدارس مثل مدرسة طلعت حرب الثانوية العسكرية قد أغلقت بوابتها الرئيسية، و اكتفت ببوابة صغيرة جانبية مخصصة للمدرسين!!!.
حالة الموات التي أصابة اللجان كانت ملفتة للنظر أكثر في تلك اللجان المعروفة بقوتها التصويتية، و التي تتركز فيها معظم أصوات قرى المحلة و أجوارها، فاللجان الموجودة في مدرسة شهداء بدر لم يدخلها أحد منذ الساعة الثالثة و حتى موعد انتهاء التصويت، و في مدرسة طه حسين لم أي مواطن في الفترة ما بين الواحدة ظهرا و حتى الثالثة ظهرا، و في تمام الساعة الثانية وقفت أمامها سيارة أجرة غربية رقم 6750 و بها مجموعة من العساكر و المخبرين السريين و ضابط برتبة مقدم!!.
أما اللجان 31، 32، 33 في مدرسة مدينة العمال الإعدادية بنات فلم يدخلها أي مواطن من الثامنة صباحا و حتى الثانية عشر ظهرا، و لم يحضر سوى 10 أفراد فقط إلى اللجان الموجودة في مدرسة مدينة العمال الإعدادية بنين 27، 28، 29 منذ الصباح و حتى الثانية عشر ظهرا، و كان أفراد الشرطة و أعضاء الحزب الوطني فقط هم من يتواجدون داخل اللجان!!، و بعد ذلك قاموا بتسويد البطاقات، بعد قيام عميد شرطة بإعطاء أمر مباشر لهم بأن يملأ كل شخص 20 استمارة، و تم ذلك تحت إشراف أحد المسئولين بالإدارة الصحية بالمحلة، و الذي ينتمي للحزب الوطني.
محاولة نقل الناخبين بالجملة كانت إحدى محاولات الحزب الوطني للخروج من المأزق، فبدأت السيارات تتجه إلى المصانع و الشركات لنقل العمال الذين أخرجهم أصحاب العمل للتصويت تحت ضغط شديد، و هو ما كشفته إحدى العاملات بمصنع الصياد لقناة الجزيرة، بعد نقلها و زملائها إلى مدرسة السيدة زينب، في الوقت الذي كانت تجري فيه قناة الجزيرة حديثا مع أمينة المرأة بالحزب الوطني بالمحلة، و التي كانت تتحدث عن مشاركة المرأة و أن التعديلات تأتي في مصلحة المرأة المصرية، و هنا تدخلت إحدى العاملات و طلبت من مراسلة القناة الحديث معها كما تتحدث مع أمينة المرأة بالحزب الوطني.
و أكدت العاملة في حديثها أنها خرجت مع زملائها تحت ضغط صاحب العمل، الذي طلب منهن التصويت بنعم، على الرغم من عدم معرفتهن بتلك التعديلات، و أكدت لمراسلة الجزيرة أنهن قادمات لتوهن من إحدى المدارس الأخرى بعد التصويت فيها، و جئن للتصويت في لجان أخرى، و عند تدخل أحد أعضاء الحزب الوطني، أشارت العاملة بإصبعها الذي يتضح عليه علامات الحبر الفوسفوري، و هنا قام أعضاء الحزب الوطني بقطع كابل كاميرا الجزيرة، و هتفت العاملات "يسقط يسقط .. حسني مبارك".
التصويت بالجملة حاولوا ممارسته مع عمال شركة مصر للغزل و النسيج و لكن بطريقة أخرى، حيث أعطوهم مأمورية مدفعة الأجر، و عمل نصف يوم فقط، بالإضافة إلى احتساب نصف يوم إضافي، إلا أن العمال بعدما خرجوا من الشركة، ذهب كل من منهم إلى بيته، و منهم من فضل التجمهر أمام أحد المقاهي لمشاهدة المصارعة بدلا من الاستفتاء!.
حتى التصويت بالجملة لم يكن كافيا لخروج الحزب الوطني من مأزقه، فلجأوا أيضا إلى نقل أعضائهم للتصويت في أكثر من لجنة، و على سبيل المثال لا الحصر السيارة رقم 10389 أجرة غربية، و التي كانت تحمل مواطنين للإدلاء بأصواتهم في لجان مدرسة شهداء بدر، ثم لجان مدرسة الجمهورية، و أيضا سيارة نقل غربية برقم 63455 يستقلها من الأمام ضابط و من الخلف مجموعة من الفلاحين و كانت آتية من إحدى قرى المحلة في حوالي الثالثة و النصف عصرا.
و قد حدثت مشاجرة بين ثلاثة من عمال شركة القاضي و أحد المسئولين في الحزب الوطني، بعد أن نقلهم الحزب بسيارة من شركة إيفا ترافيل للسياحة في الرابعة عصرا للإدلاء بأصواتهم في لجان المحلة الثانوية بنات و الصفا الابتدائية على التوالي، بحجة أن المقابل المادي غير مناسب!!.
و من ناحية أخرى قام أعضاء من الحزب الوطني بالتحرش بالمهندس محمد عبد العظيم أمين التنظيم بحزب التجمع بمحافظة الغربية، أثناء حديثه لقناة الجزيرة عن موقف التجمع من الاستفتاء، و قاموا بالهتاف ضد التجمع و بحياة الرئيس مبارك، و اتهموا عبد العظيم بأنه "عميل"، "كافر"، "أمريكي" و غيرها من الاتهامات، مما تسبب في وقف التسجيل معه أكثر من مرة، و لولا تدخل بعض أصدقاء عبد العظيم لكان قد وقع عليه اعتداء جسدي بالفعل.
و فوجيء أهالي المحلة بملصق على أبواب العديد من اللجان الانتخابية يحمل توقيع المهندس سعد الحسيني، عضو مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين، يدعو فيه أهالي المحلة للمشاركة برأيهم في تعديل الدستور، "للحفاظ على حقوق الشعب و كسر جمود النظام"، إلا أن الحسيني نفى أن يكون له صلة بهذا الملصق.

No comments: