Sunday, April 15, 2007

إضرابات العمال بين أمين العالم و دار الخدمات

ء* نشر بموقع عشرينات
أحمد بلال

تنظيم شيوعي كبير يمتد من الإسكندرية إلى أسوان، و يقف وراء الإضرابات العمالية التي تجتاح مصر حاليا، هكذا أكد الأستاذ محمود أمين العالم لجريدة المصري اليوم في تصريحاته الشهيرة التي نشرتها الجريدة مؤخرا، لم يكن التصريح مجرد كلمات، و إنما كان بمثابة قنبلة من العيار الثقيل ألقاها العالم على الساحة السياسية المصرية كلها.
انقسمت ردود الأفعال بين مؤيد و معارض و منكر للتصريحات جملة و تفصيلا، إلا أن الجميع اتفقوا على التعجب من موقف النظام الذي لم يعقب و لو بجملة واحدة على تلك التصريحات، و لكن على الجانب الآخر كان النظام يصدر قراراته بإغلاق فرعي دار الخدمات النقابية و العمالية بنجع حمادي و المحلة الكبرى وسط اتهامات للدار بأنها كانت وراء الإضرابات العمالية الأخيرة، الأمر الذي أنكره نشطاء الدار.
إغلاق فرعي الدار بنجع حمادي و المحلة الكبرى أتى بعد حملة شرسة شنها الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ضد الدار على مدار الثلاثة أشهر الماضية، متهما إيها بأنها كانت وراء الإضرابات العمالية التي اجتاحت مصر في نهاية العام المنصرم و المستمرة حتى الآن، بعدها أصدر اللواء الشربيني حشيش رئيس مجلس مدينة نجع حمادي القرار الإداري رقم 44 لسنة 2007 بإغلاق فرع دار الخدمات النقابية و العمالية بالمدينة يوم الخميس 29 مارس الماضي، و الذي تم افتتاحه في أول مايو 2005.
و قد جاء قرار الإغلاق بعد أسبوع واحد من استدعاء مدير مكتب علاقات العمل التابع لوزارة القوى العاملة والهجرة، ومدير منطقة التضامن الاجتماعى التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، لنشطاء الدار في نجع حمادي "للوقوف على أوضاع و طبيعة أنشطة الدار"، و بعد صدور القرار تم استدعائهم من قبل مأمور قسم الشرطة التابعين له الذي أبلغهم بصدور قرار الإغلاق و بأنه مسؤول كجهاز أمني عن تنفيذه.
و بعد أيام معدودة من إغلاق الدار في نجع حمادي بدأت التهديدات تتوجه هذه المرة لفرع الدار في المحلة الكبرى التي انطلقت منها الشرارة الأولى للإضرابات العمالية الأخيرة، الأمر الذي أدى بنشطاء الدار إلى الدعوة لعقد مؤتمر تضامني مع فرع الدار بالمحلة يوم الخميس الماضي 12 إبريل، إلا أن الأمن رفض حتى التضامن و سارع بإستصدار قرار من محافظ الغربية بإغلاق الدار يوم الأربعاء السابق للندوة بيوم واحد!!.
حيث فوجىء نشطاء دار الخدمات بالمحلة في حوالي السابعة من مساء الأربعاء بقيام قوة شرطة مكونة من 10 سيارات أمن مركزى و فريق من مباحث قسم أول المحلة الكبرى بقيادة العميد حسام خليفة مأمور قسم اول المحلة، بالاضافة الى عناصر من مباحث أمن الدولة، بحصار و اقتحام الدار، بحجة تنفيذ قرار المحافظ بإغلاقها.
مواجهة التهديد بالإغلاق كان الهدف من المؤتمر التضامني الذي كان مقررا عقده في دار الخدمات بالمحلة، و مواجهة الإغلاق الفعلي كان هدف المؤتمر الذي عقدته دار الخدمات في مقر حزب التجمع بالمحلة بعد إغلاق فرعها و استضافة التجمع للمؤتمر الذي عقد في السادسة من مساء يوم الجمعة الماضي، و حضره ممثلين عن بعض القوى السياسية، منظمات المجتمع المدني و العمال.
المؤتمر الذي عقد وسط حصار أمني شديد لمقر التجمع، أكد فيه محمد الكحلاوي أمين التجمع بالغربية أن "التجمع مفتوح للجميع لأنه بيت اليسار المصري" و أضاف أن إغلاق دار الخدمات ما هو إلا بداية لحملة بوليسية سيشنها النظام لإغلاق كافة منظمات المجتمع المدني النشطة، و بعد كلمته سلم الكحلاوي إدارة المؤتمر لدار الخدمات النقابية.
تحدث الأستاذ جمال أبو العلا مدير فرع الدار بالمحلة و الذي وجه شكر الدار في بداية كلمته للتجمع "اللي فعلا بابه مفتوح للكل، و اللي بيحتضن الجميع في أصعب الظروف"، على حد وصف أبو العلا الذي أكد أن الحكومة تدير صراعات مع كافة الشرائح و الطبقات الاجتماعية الفقيرة، و أن حملتها ضد دار الخدمات جزء من هذا الصراع، و في نهاية كلمته أكد أبو العلا أن دار الخدمات نجحت في كسب 150 قضية لعمال القطاع الخاص، الأمر الذي كان يتوجب على الحكومة شكرها بخصوصه و ليس إغلاقها!!.
و عن اللجنة التنسيقية للحقوق و الحريات النقابية و العمالية تحدث الأستاذ صابر بركات عن الدور الذي قامت به دار الخدمات و الذي كان بمثابة "رأس الحربة" في التأثير على العمال في فترات كثيرة، و أكد بركات أن الرد هو أن يتحول كل فرد إلى جزء من الدار و حامل لرسالتها، و أضاف "إذا كانت الدار متهمة بالتحريض فيجب أن نكون جميعا محرضين للعمال و لكل مواطن لانتزاع حرياتنا و حقوقنا".
كلمة المنظمات غير الحكومية ألقتها الدكتورة عايدة سيف الدولة، و التي قالت "باسم كل منظمات المجتمع المدني التي وقعت على بيان التضامن مع الدار، نتعهد بأننا سندخل معركة حرية المجتمع المدني، و عهد علينا بأننا سنبدأ حملة لن تنتهي إلا بإعادة فتح كافة فروع الدار".
و عن اللجنة المشتركة للتحالف الاشتراكي و اتحاد اليسار تحدث زياد العليمي حول الاتهامات الموجهة للدار بتحريض العمال على الإضراب، مؤكدا على مشروعية الإضراب و أن العمال هم من ينظمون تلك الإضرابات بأنفسهم لتحقيق مطالبهم، أما وجدي فيكتور من حزب الغد فأكد أن النظام المصري هو الذي يستحق المحاكمة و ليس دار الخدمات، و ذلك بسبب تزويره نتائج الانتخابات و الاستفتاء، حمدي حسين مدير مركز آفاق اشتراكية بالمحلة قال أن السلطة لا تريد المجتمع المدني الذي يعمل على نشر أفكار العدل الاجتماعي، و أن إغلاقها للدار هو بمثابة إغلاق لعقول الطبقة العاملة، "التي إن وعت نهضت، و إن نهضت ستغير هذه السلطة الحاكمة"، على حد قوله.
و في كلمته أكد كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية و العمالية، أن الإضرابات العمالية بدأت في مصر مع بداية الطبقة العاملة المصرية، و أنها لم تبدأ مع الدار و لن تنتهي بإغلاقها، و أضاف عباس أن هناك قضيتين رئيسيتين حاليا للنضال من أجلهما، الأولى "تنظيم عمالي حقيقي" مؤكدا أن الطبقة العاملة ناضلت طوال عمرها من أجل حقها في هذا التنظيم و أن الكثيرين من العمال دفعوا الثمن غاليا، و أن التنظيم العمالي الحالي قد يكون أي شيء إلا أن يكون تنظيما نقابيا!.
القضية الثانية التي طرحها كمال عباس هي حق الإضراب، و قال أن "القانون الحالي يحاكم كل عامل يشارك في إضراب، و هو أمر لا يعقل و لم يستطيعوا تطبيقه على الإضرابات العمالية الأخيرة و إلا كانوا سيحاكمون كل عمال مصر، و لهذا فقد قرروا محاكمة دار الخدمات"، و أنهى عباس كلمته قائلا "قبل الدفاع عن الدار يجب الدفاع عن حق العمال في الإضراب، و حقهم في إقامة تنظيمهم النقابي الحقيقي".
هذا و قد أصدر اتحاد الشباب التقدمي بحزب التجمع بالغربية بيانا للتضامن مع دار الخدمات النقابية، بعنوان "عندما يكون الظلم قانونا تصبح المقاومة واجبا مقدسا"، أكد فيه أن "السماح أو الصمت على ذلك الإقصاء و الاستبداد بحق صوتا مدافعا عن العمال سيغري تلك العقلية و غيرها من العقليات الاستبدادية بالنظام الحاكم بالمزيد من القمع و الاستبداد تجاه أي صوت أو رأي يقاوم انتهاكهم للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية لشعب مصر الكادح"، كما جاء في البيان.
و بين تصريحات العالم و الحملة الشرسة التي يشنها النظام ضد دار الخدمات تدور العديد من التساؤلات، هل هناك علاقة بين تلك التصريحات و الدار ؟!، و هل هناك تنظيما شيوعيا بالفعل قادرا على قيادة تلك الموجة من الإضرابات العمالية ؟!، و إن كان الشيوعيون هم الذين يقودون الإضرابات العمالية، فمن الذي يقود الحركات الاحتجاجية بين بقية الشرائح الاجتماعية كالقضاة و أساتذة الجامعات و المهندسين ؟!، و السؤال الأهم إذا كان الشيوعيون يمتلكون بالفعل كل هذه القوة فلماذا لا نلحظ لهم تواجدا علنيا في الشارع المصري ؟!!!.

No comments: